فاقتتلوا قتالا شديدا ، فارفضّ أصحاب صخر عنه ، وطعن طعنة في جنبه فاشتغل بها (١) ، فلمّا صار إلى أهله يتعالج منها ، فنتأ من الجرح كمثل اليد ، فأضناه ذلك حولا ، فسمع سائلا يسأل امرأته وهو يقول : كيف صخر اليوم؟ فقالت : لا ميّت فينعى ، ولا صحيح فيرجى ، فعلم صخر أنها قد برمت به ، فقطع ذلك الموضع فمات (٢).
قال ابن الشجري في أماليه ، شارحا هذه الأبيات : (٣)
قولها : تعرّقني الدهر ، (البيت ، العظيم بما عليه من اللحم ، وجمعه عراق ، وهو أحد الأسماء التي جاء جمعها على فعال بضم الفاء عن ابن السكيت) (٤) ، يقال : تعرّقت العظم ، إذا أخذت ما عليه من اللحم ، ويقال للعظم الذي أخذ لحمه : العراق. والنهس ، بالمهملة ، القبض على اللحم بالأسنان ، ومثله النهش ، بالمعجمة. وقيل بل النهس بمقدم الفم ، والحز : قطع غير نافذ (٥). والقرع : مصدر قرعته بالعصا وبالسيف (٦). والغمز : غمزك الشيء اللين بيدك. وأرادت أن الدهر
__________________
(١) كذا بالاصل ، وفي الكامل : (وطعنه ابو ثور طعنة في جنبه استقلّ بها).
(٢) في الكامل : ... فعلم أنها برمت به ، ورأى تحرق أمه عليه فقال :
أرى أمّ صخر ما تجف دموعها |
|
وملّت سليمى مضجعي ومكاني |
وما كنت أخشى أن أكون جنازة |
|
عليك ومن يغتر بالحدثان |
أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه |
|
وقد حيل بين العير والنزوان |
لعمري لقد أنبهت من كان نائما |
|
وأسمعت من كانت له آذان |
فأيّ امرىء ساوى بأم حليلة |
|
فلا عاش إلّا في شقى وهوان |
ثم عزم على قطع ذلك الموضع ، فلما قطعه يئس من نفسه ، فبكاها فقال :
أيا جارتا إنّ الخطوب قريب |
|
من الناس ، كلّ المخطئين تصيب |
أيا جارتا إنّا غريبان ههنا |
|
وكلّ غريب للغريب نسيب |
كأني وقد أدنوا إليّ شفارهم |
|
من الأدم مصقول السراة نكيب |
وانظر الاغاني ١٥ / ٦٣ ـ ٦٤ (الثقافة) ، والشعراء ٣٠٣ ـ ٣٠٤
(٣) ص ١ / ٢١٥ ـ ٢٢٤.
(٤) مزيدة عن ابن الشجري.
(٥) وبعده كما في ابن الشجري : (.. ومثله القرض ، ويكون نافذا لقولهم : حزة من بطيخ ، وحزة من كبد).
(٦) والمقارعة بالسيوف (ابن الشجري).