فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ، والله يحب مكارم الأخلاق.
وأخرج ابن عساكر عن عديّ بن حاتم قال : كان أبي يقول لنا في الجاهلية : إذا كان الشيء يكفيكه تركه فاتركه.
وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر عن ابن الأعرابي قال : كان حاتم الطائي أسيرا في عنزة ، فقالت له امرأة يوما : قم ، فافصد لنا هذه الناقة! وكان الفصد عندهم أن يقطع عرقا من عروق الناقة ، ثم يجمع الدم فيشوى. فقام حاتم إلى الناقة فنحرها ، فلطمته المرأة. فقال حاتم : (لو غيرت ذات سوار لطمتني). فذهب قوله مثلا. وقال له النسوة : إنما قلنا لك فصدها! فقال : هكذا فزدي. ان قوله (فزدي) فصدي ، اشم الصاد زايا ، وأدخل هاء السكت على أنا.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبيدة قال : لما بلغ حاتم طيّ قول المتلمس (١) :
قليل المال يصلحه فيبقى |
|
ولا يبقى الكثير مع الفساد |
وحفظ المال خير من فناء |
|
وعسف في البلاد بغير زاد |
فقال : قطع الله لسانه ، حمل الناس على البخل ، فهلا قال :
فلا الجود يفني المال قبل ذهابه |
|
ولا البخل في مال الشّحيح يزيد |
فلا تلتمس مالا بعيش مقتّر |
|
لكلّ غد رزق يعود جديد |
وأخرج ابن الأنباري وابن عساكر من طريق ملحان بن عركي بن عديّ بن حاتم
__________________
(١) في الشعراء ١٣٦ برواية :
وأعلم علم حقّ غير ظن |
|
وتقوى الله من خير العتاد |
لحفظ المال أيسر من بغاه |
|
وضرب في البلاد بغير زاد |
وإصلاح القليل يزيد فيه |
|
ولا يبقى الكثير على الفساد |
وانظر الاغاني ٢١ / ١٣٦ و ١٣٧ ، وحماسة البحتري ٢١٦ ، وعيون الاخبار ٢ / ١٩٥. وسيأتي ص ٢٦٦.