بما لا يكون في الرجال. قال : فأنشدته حتى برق الصبح. أخرجه في الأغاني. وقال ثعلب : أخبرني أبو قيس العنبري ، عن عكرمة بن جرير ، قال : قلت لأبي : من أشعر الناس؟ قال : زهير أشعر أهل الجاهلية. قلت : فالاسلام؟ قال : الفرزدق ينعق بالشعر. قلت : فالأخطل؟ قال : يجيد مدح الملوك ويصيب صفة الخمر. قلت : فما تركت لنفسك؟ قال : دعني ، فإني نحرت الشعر نحرا. أخرجه في الأغاني (١) وأخرج عن سعيد بن المسيب قال (٢) : كان عمر جالسامع قوم يتذاكرون أشعار العرب اذ أقبل ابن عباس ، فقال عمر : قد جاءكم أعلم الناس بالشعر ، فلما جلس قال : يا ابن عباس ، من أشعر العرب؟ قال : زهير بن أبي سلمى. قال : فهل تنشد من قوله شيأ تستدل به على ما قلت ، قال : نعم ، امتدح قوما من غطفان يقال لهم بنو سنان فقال :
لو كان يقعد فوق الشّمس من أحد |
|
قوم لأوّلهم يوما إذا قعدوا (٣) |
محسّدون على ما كان من نعم |
|
لا ينزع الله عنهم ما له حسدوا |
وأخرجه من وجه آخر موصولا من طريق محمد بن إسحق ، عن محمد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مثله. قال ثعلب : من قدّم زهيرا قال : كان أحسنهم شعرا ، وأبعدهم من سخف ، وأجمعهم لكثير من المعنى ، في قليل من المنطق ، وأشدّهم مبالغة في المدح ، وأكثرهم أمثالا في شعره. قال : وقال الأحنف بن قيس لبعض الأمراء : إن زهيرا ألقى عن المادحين فضول الكلام قال (٤) :
ما يك من خير أتوه فإنّما |
|
توارثه آباء آبائهم قبل |
__________________
(١) الأغاني ١٠ / ٢٩٩ (الثقافة) ، والشعراء ٨٧ ـ ٨٨.
(٢) انظر شرح ديوان زهير ٢٧٩ ـ ٢٨٣.
(٣) رواية الديوان ٢٨٢ :
لو كان يخلد أقوام بمجدهم |
|
أو ما تقدّم من أيّامهم خلدوا |
أو كان يقعد فوق الشمس من كرم |
|
قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا |
(٤) شرح ديوانه ١١٥.