وأمَّا حِنْو القَتَب فسمِّى ظَلِفة لقُوَّته وشدَّته. ويقال أخذ الجزورَ بظَلَفها وظَلِيفتها ، أى كلّها.
ظلم الظاء واللام والميم أصلانِ صحيحان ، أحدهما خلافُ الضِّياء والنور ، والآخر وَضْع الشَّىء غيرَ موضعه تعدِّياً.
فالأوّل الظُّلمة ، والجمع ظلمات. والظَّلام : اسم الظلمة ؛ وقد أظلَمَ المكان إظلاماً.
ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم : لقيته أوَّلَ ذِى ظُلْمة* (١). قال : وهو أوّلُ شىءٍ سَدَّ (٢) بصرَك فى الرُّؤْية ، لا يشتقُّ منه فِعل. ومن هذا قولهم : لَقيته أدنى ظَلَمٍ (٣) ، لِلقريب. ويقولونه بألفاظٍ أُخَرَ مركبةٍ من الظاء واللام والميم ، وأصل ذلك الظَّلمة ، كأنَّهم يجعلون الشَّخص ظُلْمةً فى التشبيه ، وذلك كتسميتهم الشّخصَ سواداً. فعلى هذا يُحمل الباب ، وهو من غريب ما يُحمل عليه كلامُهم.
والأصل الآخَر ظَلَمه يظلِمُه ظُلْماً. والأصل وضعُ الشَّىءِ [فى] غير موضعه ؛ ألا تَراهم يقولون : «مَن أشْبَهَ [أباه] فما ظَلَم» ، أى ما وضع الشَّبَه غيرَ موضعه.
قال كعب :
أنا ابنُ الذى لم يُخْزنِى فى حياته |
|
قديماً ومَن يشبهْ أباه فما ظلمْ (٤) |
__________________
(١) ويقال أيضا : «أدنى ذى ظلم» بالتحريك أيضا.
(٢) فى الأصل : «مد» ، صوابه فى المجمل واللسان.
(٣) فى الأصل : «القريب».
(٤) سبق إنشاده فى (شبى). والذى فى ديوان كعب ٦٥ طبع دار الكتب :
أنا ابن الذي لم يخزنى في حياته |
|
ولم أخزه حتى تغيب في الرجم |
أقول شبيهات بما قال عالما |
|
بهن ومن يشبه أياء فما ظلم |