حضب الحاء والضاد والباء أصلان : الأول ما تُسْعَرُ به النار ، والثانى جنسٌ من الصَّوْت.
فالأوَّل قوله جلَّ ثناؤُه : حضب جهنّم (١) ، قالوا : هو الوَقُود بفتح الواو ويقال لما تُسعر النّار به مِحْضَب. وينشد بيت الأعشى :
فلا تَكُ فى حَرْبِنا مِحْضَباً |
|
لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا (٢) |
والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ ، والجمع أحضاب. فأمّا قولهم إنَ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.
حضج الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشىء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار. يقول العرب : انحضج الرّجلُ وغيره إذا وقع بجَنْبه ، وحضَجْت أنا به الأرضَ. ويقال : هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ ، أى إحدى سَقَطَاتِه. وذلك فى القول والفِعل (٣). والحِضْج : ما يَبقى فى حِياض الإبل من الماء ، والجمع أحضاج. ويقال لِلدَّنِىِّ من الرجال حِضْج. وحَضَجْتُ النَّوْبَ ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه ، وهى تلك الخشبة.
وأمَّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب ؛ لأنه يتساقط. فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها ، فيجوز أن يكون من الباب ، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
حضر الحاء والضاد والراء إيراد الشىء ، ووروده ومشاهدته وقد يجىء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.
__________________
(١) قرأ الجمهور بالصاد المهملة ، محركة وساكنة وقرأ ابن عباس بالضاد المعجمة المفتوحة. وروى عنه إسكانها. انظر تفسير أبى حيان (٦ : ٣٤٠).
(٢) ملحقات ديوان الأعشى ٢٣٦ واللسان (حضب) وفى تفسير أبى حيان : «فتجعل».
(٣) فى الأصل : «والفضل».