ذوب الذال والواو والباء أصلٌ واحد ، وهو الذَّوْب ، ثمَّ يحمل عليه ما قاربه فى المعنى مجازاً. يقال ذَابَ الشّىءُ يَذُوبُ ذَوْباً ، وهو ذائب. ثم يقولون مجازاً : ذاب لى عليه من المال كذا ، أى وجَب ؛ كأنّه لمّا وجب فقد ذاب عليه ، كما يذوب الشَّىء على الشىء. والإذوابة : الزُّبْد حين يُوضَع فى البرْمة ليُذاب. والذَّوْب : العَسَل الخالص. ثمَّ يقولون للشَّمس إذا اشتدّ حرُّها : ذابت ؛ كأنّها لما بلغت إلى الأجساد بحَرِّها فقد ذابت عليهم. قال :
إذا ذابَتِ الشَّمْسُ اتَّقَى صَقَرَاتِها |
|
بأفنانِ مَربُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ (١) |
ويقولون : أذاب فلانٌ أمرَه ، أى أصلَحَه. وهو من الباب ؛ لأنّه كأنّه فَعَلَ به ما يفعله مُذِيب السَّمْن وغيرِه حتَّى يخلُص ويصلُح. ومنه قول بِشر :
وكنتم كَذاتِ القِدْر لَم تَدْر إذْ غَلت |
|
أتُنْزِلُها مذمومةٌ أو تذيبُها (٢) |
وقال قومٌ : تُذِبيها تُنْهِبُها ؛ والإذابة : النُّهْبة ؛ أذَبْتُه أنْهَبتُه. وهو الباب ، كأنّه أذابَهُ عليهم.
ذوق الذال والواو والقاف أصلٌ واحد ، وهو اختبار الشىء من جِهَةِ تَطَعُّمٍ ، ثم يشتق منه مجازاً فيقال : ذُقْت المأكولَ أذُوقه ذَوْقاً. وذُقْت ما عند فلانٍ : اختبرتُه. وفى كتاب الخليل : كلُّ ما نزَلَ بإنسانٍ مِن مكروه فقد ذَاقَه (٣). ويقال ذاقَ القوسَ ، إذا نظَرَ ما مقدارُ إعطائها وكيف قُوّتُها. قال :
__________________
(١) لذى الرمة فى ديوانه ٥٠٤ واللسان (ذوب ، صقر ، ربع ، عبل).
(٢) البيت فى اللسان (ذوب) وهو فى قصيدته من المفضليات (٢ : ١٣٠ ـ ١٣٣).
(٣) فى الأصل : «أذاقه» ، صوابه فى المحمل.