والصلاة هي الدعاء المفسر به السلام على أحد معانيه السالف ذكرها (١) ، وكذلك استغفار الموجودات بأسرها لمعلم الخير ، وطالب العلم يثبت سلامها أيضاً ؛ إما لاشتراكها في المعاني ، بل يثبت تقديم السلام عليها تحكيماً لعموم دليل تقديمه على كل كلام ، إن قلنا : إن صلاة الكائنات واستغفارها من جنس الكلام والقول ، وقد سبق بيانه قريباً أو لأن الصلاة والاستغفار ، ووضع الملائكة أجنحتها أرفع من السلام ، ولا يفقد الأرفع الرفيع ، فيلزمها السلام ، وأما إذا قلنا بالاشتراك في ظاهرة حب الكائنات للإنسان المعلم للخير وطالب العلم بل لكل من أطاع الله تعالى فهي والسلام شرع سواء ، على أن بقاع الأرض الشاهدة لمن تعبد عليها في يوم القيامة (٢) من شواهد حُسن السلام كما صرح بالسلام من الطرفين في حديث نختم به الكتاب : « إن علياً قال : دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فوجَّهني إلى اليمن لأصلح بينهم ، فقلت : يا رسول الله إنهم قوم كثير ، ولهم سنٌ وأنا شابٌّ حدثٌ ، فقال : يا علي إذا صرت بأعلى عقبة فناد بأعلى صوتك : ياشجر ، يا حجر ، يا مدر ، يا ثرى محمد رسول الله يقرؤكم السلام. قال : ذهبت فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم مقبلون نحوي ، شاهرون سلاحهم مشرعون أسنتهم ، متنكبون قسيّهم ، فناديت بأعلى صوتي يا شجر ، يا مدر ، يا ثرى ، محمد رسول الله يقرؤكم السلام [ قال : ] فلم تبق شجرة ، ولا مدرة ، ولا ثرى إلا ارتج بصوت واحد : « وعلى محمد رسول الله ، وعليك السلام » فاضطربت قوائم القوم ، وارتعدت ركبهم ، ووقع السلاح من أيديهم ، وأقبلوا إليّ بالصلح مسرعين ، فأصلحت بينهم وانصرفت.(٣)
وإلى هنا انتهى الكلام عن الفصول العشرة وخاتمتها بما فيها من الأسرار.
__________________
١ ـ في غضون ( ٢ ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين ) ، وغيره.
٢ ـ الوسائل ٣ | ٤٧٢ ـ ٤٧٤. وقد تقدم بعض رواياتها وكذا نظائرها ، أرقامها : ١ ، ٢ ، ٣.
٣ ـ الخرائج لقطب الراوندي ٢ | ٤٩٢ ـ ٤٩٣.