الناس من يتعلم
القرآن ليقال : فلان قارئ ، ومنهم من يتعلمه فيطلب به الصوت فيقال : فلان حسن
الصوت ، وليس في ذلك خير. ومنهم من يتعلمه فيقوم به ليله ونهاره لا يبالي من علم
ذلك ومن لم يعلمه » .
بـيـان :
لعلك تقول : سلام سور القرآن معناه :
نطقها الذاتي وبطابعها القرآني كقوله تعالى : ( هذا كتابنا ينطق
عليكم بالحق )
. وكل شيء
بهذا التفسير كذلك ، وهي دلالة الذاتية على وجود صانعه ، وعليه فسلام السور
القرآنية سلام طابعي ذاتي ، لا سلام التحية القولية.
والجواب عنه وعمّا يضاهيه :
أن باب التأويل مفتوح إذا استحال ذلك في
العقول ، يعني أن العقل لا يرى سلام الكائنات القولي من المحال ، وأن فيه من
المحذور العقلي ، ومن المعلوم أن لا استحالة في سلامها ولا كلامها ولا بكائها ،
ولا يلزم من ذلك محذور أبداً ، لا عقلاً ولا شرعاً ، بل جاء في القرآن صريحاً أن
السماء والأرض وكل شيء له نطق قد سبقت الآي المصرحة بذلك هذا من حيث الإمكان ، بل
حتى الوقوع من هذا النوع ، وإن بقي في المقام تساؤل وهو ما معنى سلام السورة ، أو
الركن الغربي ، أو الحجر ، والمدر ، والشجر ، بل وكل شيء ،وهل سلام ذلك كله
كسلامنا؟ أو المراد به الأنقياد لأمر الله تعالى ، والخضوع الذاتي المشار إليه
آنفاً؟.
وتقدم الجواب عن هذا السؤال قريباً ،
ويأتي بيانه أيضاً بشكل آخر وهو أنه لا بد من العلقة الذاتية والسنخية مع الأشياء
حتى يعرف لغتها الخاصة بها ، كما وقد سبق أنهم عليهمالسلام
لهم المعرفة والارتباط بالكائنات جميعاً ، وهم الذين يسمعون ويسمّعون الآخرين من
تكلم كل شيء ، حتى النطق والتحية ، ويشهد بذلك تكلم الأسد مع الإمام الكاظم عليهالسلام ، وجوابه ، روحي فداه ، له.
__________________