وتكفِى الإخاذة الفِئَامَ من الناس». ويستعمل هذا القياس فى أدواءٍ. تأخذ فى الأشياء ، وفى غير الأدواء ، إلا أنّ قياسها واحد. قال الخليل : الآخِذُ من الإبل الذى أخَذَ فيه السمن، وهُنّ الأواخذ. قال : وأخِذَ البعيرُ يَأْخَذُ أَخَذاً فهو أَخِذٌ ، خفيف ، وهو كهيئة الجنون يأخذه ، ويكون ذلك فى الشَّاءِ (١) أيضا. فإنْ قال قائل : فقد مضى القياسُ فى هذا البناء صحيحا إلى هذا المكان فما قولك فى الرَّمَد ؛ فقد قيل : إنّ الأُخُذَ الرَّمَدُ والأَخِذُ الرَّمِدُ؟ قيل له : قد قُلْنَا إنّ الأدواء تسمَّى بهذا لأخْذها الإِنسان وفيه. وقد قال مفسِّرُو شعرِ هذيلِ فى قول أبى ذؤيب.
يَرْمِى الغُيوب بعينَيهِ ومَطْرِفُه |
|
مُغْضٍ كما كَسَفَ المستأخَذُ الرَّمِدُ (٢) |
يريد أنَّ الحمار يرمى بعينيه كلَّ ما غاب عنه ولم يره ، وطرفُه مُغْضٍ ، * كما كسَف المستأخَذ الذى قد اشتدّ رمدُه أى اشتدّ أَخْذُه له ، واستأخذ الرَّمد فيه فكسَفَ نكّس رأسه، ويقال غَمّض. فقد صحَّ بهذا ما قلناه أنه سمِّى أُخُذا لأنه يستأخِذ فيه. وهذه لفظةٌ معروفة ، أعنى استأخذ. قال ابن أبى ربيعة :
إليْهم متى يَسْتأخِذُ النَّوْمُ فيهمُ |
|
ولى مجلسٌ لولا اللُّبَانَةُ أَوْعَرُ |
فأمَّا نجوم الأَخْذ فهى منازل القمر ، وقياسها ما قد ذكرناه ، لأنّ القمر يأخُذ كلَّ ليلةٍ فى منزلٍ منها. قال شاعر :
__________________
(١) فى الأصل : «الشتاء» ، صوابه فى اللسان (٥ : ٦).
(٢) ديوان أبى ذؤيب ١٢٥ واللسان (أخذ ، كسف). وفى الجمهرة (٣ : ٢٣٧) : «ويروى المستأخذ الرمد. وهو الجيد» ، يعنى يفتح الخاء.