جذف الجيم والذال والفاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على الإسراع والقَطْع ، يقال جَذَفْتُ الشئَ قطعتُه. قال الأعشى :
قاعداً عندَه النَّدامى فما بَنْ |
|
فَكُّ يؤتَى بمُوكَرٍ مَجْذُوفِ (١) |
ويقال هو بالدَّال ويقال جَذَف الرّجُلُ أسرَعَ. قال ابن دريد : جَذَف الطائر إذا أسرَعَ* تحريكَ حناحَيْه. وأكثر ما يكون ذلك أن يقَصَّ أحدُ جناحيه.
ومنه اشتقاق مِجْداف السفينة. قال : وهو عربىٌّ معروف. قال :
تكاد إن حُرِّك مجذافُها |
|
تنْسَلُّ مِنْ مَثْناتِها وَاليَدِ (٢) |
يعنى الناقةَ. جعل السَّوط كالمجذاف لها ، وهو بالذال والدال لغتان فصيحتان.
جذل الجيم والذال واللام أصلٌ واحد ، وهو أصل الشَّئ الثابت والمنتصب. فالجِذْل أصل الشَّجرة. وأصلُ كلِّ شئٍ جِذْلُهُ. قال حُبَابُ بنُ المنذِر ، لما اختَلَف الأنصارُ فى البَيْعة : «أنا جُذَيلُها المحكَّك». وإنَّما قال ذلك لأنه يُغْرَزُ فى حائطٍ فتحتكُّ به الإبلُ الجَرْبَى. يقول : فأنا يُستَشْفى برأْيِى كاستشفاء الإبل بذلك الجِذْل. وقال :
* لاقت على الماءِ جُذَيلاً واتدا (٣) *
يريد أنَه منتصبٌ لا يبرح مكانَه ، كالجذل الذى وَتَد ، أى ثبت. وأمّا الجَذَل وهو الفرح فممكنٌ أن يكون من هذا ؛ لأنّ الفَرِحَ منتصبٌ والمغمومَ لاطِئٌ
__________________
(١) ديوان الأعشى ٢١٢ واللسان (جذف). وفى الديوان : حوله الندامى.
(٢) البيت للمثقب العبدى ، كما فى اللسان (جذف). وفى الأصل : من مشتاقيا مائد صوابه فى المجمل واللسان.
(٣) البيت لأبى محمد الفقعسى ، كما فى اللسان (جذل).