بسّ الباء والسين أصلان : أحدهما السَّوْق ، والآخر فَتُّ الشَّئ وخَلْطه. فالأوّل قوله تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) يقال سِيقَت سَوْقا. وجاء فى الحديث : «يجئُ قومٌ من المدينة يبسُّون (١) ، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانُوا يَعْلَمُون». ومنه قول أبى النجم :
* وانبَسَ حَيَّاتُ الكَثيب الأهْيَلِ (٢) *
أَى انْسَاقَ. والأصل الآخر قولهم بُسّت الحنطة وغيرها أى فُتّتْ. وفُسِّر قوله تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا)على هذا الوجهِ أيضاً. ويقال لتلك البَسِيسة.
وقال شاعر :
* لا تَخبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا (٣) *
يقول : لا تخبزا فتُبطِئَا (٤) بل بُسَّا السَّويقَ بالماء وكُلَا. فأمّا قولهم : بَسَ بالنّاقة وأبسّ بها إذا دعاها للحَلَبْ فهو من الأوَّل. وفى أمثال العرب : «لا أفْعَلُ ذَلِكَ ما أبَسَ عبْدٌ بناقة» ، أى ما دَعاها للحَلَبْ. قال شاعر :
فَلَحَا اللهُ طالبَ الصُّلحِ مِنّا |
|
ما أَطافَ المُبِسُ بالدَّهْماءِ (٥) |
__________________
(١) لفظه فى اللسان (٧ : ٣٢٥): «من المدينة إلى الشام واليمن والعراق يبسون».
ويقال بسست الدابة وأبسستها ، إذا سقتها وزجرتها وقلت لها بس بس. وفى الأصل : «يبيتون» محرفة.
(٢) أنشده الجاحظ فى الحيوان (٤ : ٢٥٦) وقال : «انبست الحيات ، إذا تفرقت وكثرت».
وأنشده فى اللسان (٧ : ٣٢٧) بدون نسبة ، وفسره بمعنى انسابت على وجه الأرض.
(٣) الرجز للهفوان العقيلى أحد لصوص العرب. انظر معجم المرزبانى ٤٩٢ ونوادر أبى زيد ١٢ ، ٧٠ والحيوان (٤ : ٤٩٠) والمخصص (٧ : ١٢٧) وتهذيب الألفاظ ٦٣٦.
(٤) فى الأصل : «قبطيا» ، صوابه ما أثبت مطابقاً ما فى معجم المرزبانى.
(٥) البيت لأبى زبيد الطائى ، كما فى أمالى القالى (١ : ١٣٢).