قال ابنُ الأعرابىّ : سألتُ أعرابيًّا (١) : هل تعرفُ الجوادَ المُبِرّ من البطئ المِقْرِف؟ قال: نعم. قلت : صفهُما لِى. قال : «أمّا الجواد فهو الذى لُهِزَ لَهْزَ العَيْر (٢) ، وأُنِّف تَأنيفَ السَّير(٣) ، الذى إذا عَدَا اسْلَهَبَ (٤) ، وإذا انتصبَ اتلأَبّ (٥) وأما البطئ المِقْرِف فالمدلوك الحَجَبَة ، الضَّخمُ الأرنبة ، الغليظ الرَّقَبة ، الكثير الجَلَبَة ، الذى إذا أمسَكْته قال أرسِلْنى ، وإذا أرسَلْتَه قال أمسِكْنى».
وأصل الإبرار ما ذكرناه فى القهر والغلَبة ، ومرجعُه إلى الصِّدق. قال طرَفة
يَكشفون الضُّرَّ عن ذِى ضُرِّهِمْ |
|
ويُبِرُّونَ على الآبِى المُبِرّ (٦) |
ومن هذا الباب قولهم هو يَبَرُّ ذا قَرابته ، وأصله الصِّدق فى المحّبة. يقال رجل بَرٌّ وَبَارٌّ. وبَرَرْت والدى وبَرِرْت فى يمينى. وأبَرَّ الرَّجُلُ ولَدَ أولاداً أبْرَاراً. قال أبو عُبيدة : وَبَرَّةُ اسمٌ للبِرّ معرفةٌ لا تنصرف. قال النابغة :
يومَ اخْتَلَفْنَا خُطَّتَيْنا بينَنا |
|
فحملتُ بَرَّةَ واحتَمِلْتَ فَجارِ (٧) |
وأمّا حكايةُ الصَّوتِ فالعرب تقول : «لا يَعْرِفُ هِرًّا من بِرّ» فالهِرّ دُعاء
__________________
(١) فى اللسان (٥ : ١١٩): «سئل رجل من بنى أسد».
(٢) أى ضبر تضبير العير. وفى الأصل : «البعير» ، صوابه من اللسان (٥ : ١١٩ / ٦ : ٢٧٥ / ١٠ : ٣٥٦).
(٣) أى قد حتى استوى كما يستوى السير المقدود.
(٤) اسلهب : مضى فى عدوه. وفى الأصل : «إذا علا اسلف» ، صوابه فى اللسان (٥ : ١١٩ / ١ : ٤٥٧).
(٥) اتلأب : امتد واستوى. وفى الأصل : «إذا انتصف» ، صوابه فى اللسان (١ : ٢٢٦ / ٥ : ١١٩). وزاد فى اللسان بين هذا وسابقه : «وإذا قيد اجلعب» أى مضى فى سيره.
(٦) ديوان طرفة ٧٠ واللسان (٥ : ١١٩).
(٧) فى الديوان ٣٤ : أنا قسمنا خطتهنا وفي اللسان أنا السمنا وقبله :
أرأيت يوم عكاظ حين لقيتي |
|
تحت الجاج ما شقلت غبادى |