بذّ الباء والذال أصلٌ واحد ، وهو الغَلَبة والقَهْر والإذلال. يقال بذّ فلانٌ أقرانَه إذا غلَبَهم ، فهو باذٌّ يَبُذُّهم. وإلى هذا يرجع قولهم : هو بَاذّ الهيئة وبَذُّ الهيئة ، بيِّن البَذَاذة ، أى إن الأيّام أتَتْ عليها فأَخلقَتْها فهى مقْهورة ، ويكون فاعلٌ فى معنى مفعولٍ.
برّ الباء والراء فى المضاعف أربعة أصول : الصدق ، وحكايةُ صَوتٍ ، وخِلافُ البَحْرِ ، ونبتٌ. فأمّا الصِّدق فقولهم : صدَق فلانٌ وبَرَّ ، وبَرَّتْ يمينُه صدَقت ، وأَبَرَّها أمضاها على الصِّدق. وتقول : بَرَّ الله حَجَّك وأبَرَّهُ ، وحِجَّةٌ مَبْرُورة ، أى قُبِلَتْ قَبولَ العملِ الصَّادق : ومن ذلك قولهم يَبَرُّ ربَّه أى يُطِيعه. وهو من الصِّدق. قال :
لَا هُمَّ لو لا أنَّ بَكراً دُونَكا |
|
يَبَرُّكَ النّاسُ ويَفْجُرُونَكا (١) |
ومنه قول الله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ). و [أمّا] قولُ النابغة :
* عليهنَّ شُعْثٌ عَامِدُون لبِرِّهِمْ (٢) *
فقالوا : أراد الطاعة ، وقيل أراد الحج. وقولهم للسَّابقِ الجواد «المُبرّ» هو من هذا ؛ لأنه إذا جرى صدق ، وإذا حمل صدق.
__________________
(١) هذا البيت فى اللسان (٥. ١١٦).
(٢) فى الديوان ٥٤ : «لحجهم». وعجزه :
فهن كأطراف المعنى خواضع