يومانِ يومُ مَقاماتٍ وأندِيَةٍ |
|
ويومُ سَيرٍ إلى الأعداءِ تأويبِ (١) |
قال : والفَعْلة الواحدة تأويبة. والتأويب : التَّسبيح فى قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ). قال الأصمعىّ : أوّبْتُ الإبلَ إذا روَّحتَها إلى مَباءتِها. ويقال تأوَّبِنى أى أتانِى ليلاً. قال :
تأوَّبَنِى دائِى القَديمُ فَغَلَّسَا |
|
أُحاذِر أن يرتدَّ دائِى فأُنْكَسَا (٢) |
قال أبو حاتم : وكان الأصمعى يفسر الشِّعر* الذى فيه ذِكْر «الإِيابِ» أنّه مع الليل ، ويحتج بقوله :
* تأوَّبنِى داءٌ مع اللَّيلِ مُنصِبُ* (٣)
وكذلك يفسِّر جميع ما فى الأشعار. فقلتُ له : إنما الإِياب الرُّجوع ، أىَّ وقْتٍ رجَعَ ، تقول : قد آبَ المسافرُ ؛ فكأنه أراد أن أُوضِّح له ، فقلت : قولُ عَبيدٍ (٤) :
وكلُّ ذى غَيْبَةٍ يَؤُوبُ |
|
وغائِبُ الموتِ لا يَؤُوبُ |
أهذا بالعشِيّ؟ فذَهَبَ يكلِّمُنى فيه ، فقلت : فقولُ الله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) أهذا بالعشىّ؟ فسكت. قال أبو حاتم : ولكنّ أكثرَ ما يجئُ على ما قال. رحِمَنا الله وإيّاه.
والمآب : المرجِع. قال أبو زياد : أُبْتُ القوم ، أى إلى القوم. قال :
* أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ*
__________________
(١) البيت لسلامة بن جندل فى المفضليات (١ : ١٨٨). واللسان (١ : ٢١٣).
(٢) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ١٤٠ وأساس البلاغة (أوب). وكلمة : «دائى» ساقطة من الأصل ، وإثباتها من الديوان والأساس.
(٣) نظيره فى اللسان (٢ : ٢٥٥) قول أبى طالب :
ألا من لهم آخر اللل منصب
(٤) فى الأصل : «أبى عبيد» ، وإنما هو عبيد بن الأبرص ، من قصيدته البائية التى عدها التبريزى فى المعلقات العشر. وانظر اللسان (١ : ٢١٣).