فالشيء في خلاف جهة العرض هي من القمر ، والاُخرى من دائرة الظلّ ، والمستنير منه هلالي محدبه منه ومقعّره منها ، ويشبه أن يكون ابتداء الخسوف أثراً دخانيّاً يظهر في شرقيّة ، ثمّ بدخوله وتوغّله في الظلّ يزداد تراكماً في الإظلام ، ويكثر ويسود إلى أن ينخسف قريب من ثلثه ، فيظهر فيه نحاسيّة بخضرة إن قلّ عرضه ، ولاجورديّة السماء إن كان عديم العرض ، ولا سيما إذا كان في الذروة ؛ وخفي عن كثير من الناس وقت توسّط الخسوف.
ثمّ ينعكس الأمر في اختلاف أقواله إلى تمام الإنجلاء ، فيبتدىء من اللاجورديّة منتقلاً إلى النحاسيّة. وعند المتأخّرين متى كان عرضه أقلّ من عشر دقائق كان أسود حالكاً ، وإلى عشرين فبأسود بخضرة ، وإلى ثلاثين فبحمرة ، وإلى أربعين فبصفرة ، وإلى خمسين فبأغبر ، وإلى ستّين فبأشهب ، ومن هذا التشكيل يتصوّر الخسوف على تسطّح المجسم.
المقام الثاني في كسوف القمر للشمس ، أي : كسفه إيّاها وحجبه ضوءها وإنارته ، بمعنى عدم كسفه لها وعدم حجبه نورها وضياءها عن أبصار الناظرين حالة الإجتماع.
إعلمنّ أنّ الإجتماع وهو كون موضعي النيّرين نقطة من البروج ؛ إمّا حقيقيّ يمرّ بهما خطّ خارج من مركز العالم ، أو مرئيّ يمرّ بهما خطّ خارج عن منظر الأبصار ، والإجتماع الكسوفي والكسوف هو عدم إضاءة الشمس كلّاً أو بعضاً ما يلينا من كرة البخار في الوقت الذي من شأنها أن تضيء فيه ، لتوسّط القمر بينها وبين البصر ، لوقوعه على الخطّ الخارج من البصر إليها.
وحجبه نورها عن الأبصار لكثافته وقطعه السماوات المستقيمة التي بين البصر والشمس ، فيرى عديمة النور كلّها أو بعضها ، وذلك يكون في الإجتماع المرئيّ الواقع فيها نهاراً ، حقيقيّاً كان أم لا في الإجتماعي الحقيقيّ فقط.
وساعات الحقيقيّ أقرب إلى نصف النهار من ساعات المرئيّ ؛ لأنّ حركة القمر على التوالي من المغرب ، والقمر المرئيّ أقرب إلى الاُفق من القمر الحقيقيّ : نصف ال نهار يصل القمر المرئيّ إلى الشمس ثمّ الحقيقي وبعده بالعكس. ولأنّ الكسوف من عوارض