مقامان :
المقام الأوّل : في إنارة القمر ، أي :
كونه ذا نور وضياء ، وكسوفه ، أي : انخساف نوره وانكساف جرمه حالة الاستقبال.
الخسوف : هو عدم إضاءة النيّر الأصغر
وهو القمر ما يلينا من كرة البخار في الوقت الذي من شأنه أن يضيء فيه ، لوقعه في
مخروط ظلّ الأرض وحيلولتها بينه وبين النيّر الأعظم ، لمقاطرتها النيّرين ، أعني
وقوعها معهما على قطر من أقطار العالم تحقيقاً أو تقريباً ، وكون جرمها جسماً
كثيفاً حاجباً لنور الشمس عن القمر ، فلا يقع عليه أصلاً ، أو على بعضه شيء من
شعاعها وقوعاً أوّلياً ، فيظلم كلّه أو بعضه حينئذ ، لكونه غير مشيء من ذاته ،
فهذا حقيقة خسوف القمر كلّيّاً أو جزئيّاً.
وهو يرى إذا كان يقع ليلاً ، فيدركه حسّ
البصر ، على خلاف شاكلة الأمر في المحاقّ ، وإن كان بالليل لما سيتلى عليك إن شاء
الله العزيز العليم.
وكلّما كان القمر أكثر بعداً من الأرض
كان خسوفه أقلّ مكثاً ، ولأنّ غاية عرض القمر وهي خمسة أجزاء أعظم من نصفي قطري
صفحة القمر ، ودائر الظلّ لم يعرض له الإنخساف في كلّ استقبال ، ولم يكن كلّ
استقبال خسوفيّاً.
فإن كان عرض القمر ـ أي : بعد مركزه
مركز دائرة الظلّ وقت الإستقبال ـ أكثر من نصفي قطر صفحته وقطر دائرة الظلّ لم يقع
له خسوف أصلاً ؛ إذ ليس يلاقي دائرة الظلّ بل إنّه يمرّ بقربها ، وإن كان مساوياً
لهما ماسّ القمر محيط دائرة الظلّ من خارج على نقطة في جهة عرضه ولم ينخسف شيء منه
، وإن كان أقلّ منهما وكان مساوياً لنصف قطر دائرة الظلّ مرّت دائرة الظلّ بمركز
صفحة القمر ، فانخسف حينئذ نصف قطره.
وإن كان هذا الأقلّ أكثر من نصف قطر
الظلّ ، كان المنخسف أقلّ من نصفه. وإن كان العرض مساوياً لفضل نصف قطر الظلّ على
نصف قطر صفحة القمر انخسف جرم القمر كلّه ، وماسّ سطحه محيط دائرة الظلّ من داخل
الدائرة ، فلم يكن له مكث في الخسوف ، وإن أقلّ من ذلك كان كلّه منخسفاً وماكثاً
فيه بحسب ما يقع في الظلّ ، فإن انطبق مركز القمر