الثالث : أنّ درجة العارف في مقام الرجاء بحسب أن تصدّه عن استشعار الخوف رأساً ، كما يجب أن تصدّه درجته في مقام الخوف عن احتمال الرجاء أصلاً ، ولذلك قد وجب أن يكون درجات الرجاء والخوف على التكافؤ والتقاوم أبداً إلى حين الموت.
روى شيخنا الأقدم أبو جعفر الكليني (رحمه الله تعالى) في كتابه الكافي عن الحارث بن المغيرة أو عن أبيه ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما كان في وصيّة لقمان لابنه؟ قال كان فيها الأعاجيب ، وكان أعجب ما كان فيها ، أن قال لإبنه : خف الله عزّ وجلّ خيفة لو جئته ببرّ الثقلين لعذّبك ، وارجو الله رجاءاً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : كان أبي يقول : إنّه ليس من عبد مؤمن إلّا وفي قلبه نوران : نور خيفة ، ونور رجاء ، لو وزن هذا لم يزد على هذا ، ولو وزن هذا لم يزد على هذا. انتهى ما في الكافي. (١)
والذي يستبين لي : أنّه لعلّ في تأخيره عليه السلام الرجاء عن الخوف إيماءاً لطيفاً إلى أنّه ينبغي أن يكون خاتمة الحياة على مقام الرجاء ورجحان درجته. والله أعلم بأسرار أوصياء رسوله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وفي رواية «ع» و «كف» عزّ وجلّ مكان تعالى.
__________________
١. اُصول الكافي : ٢ / ٥٥.