«ثلاثة أسفار كَذَبْنَ عليكم (١)» قال ابن السكيت : كأنَ كَذَبَ ههنا إغراءٌ ، أى عليكم به. وهى كلمةٌ نادرة جاءت على غير القياس. وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه : «كَذَبَ عليكم الحَجُّ» أى وجب. قال الأخفش : فالحجّ مرفوع بكَذَبَ ومعناه نَصْبٌ ، لأنَّه يريد أن يأمر بالحجّ ، كما يقال أمكنَك الصَيْدُ ، يريد ارْمِهِ. قال الشاعر (٢) :
كَذَبَ العتيقُ ومَاءُ شَنٍّ باردٍ |
|
إنْ كنتِ سائِلَتِى غَبُوقاً فاذهِبى |
يقول : عليكِ العَتِيقَ.
وتقول : ما كَذَّبَ فلانٌ أنْ فعَلَ كذا ، أى ما لبث.
وتَكَذَّبَ فلانٌ ، إذا تكلَّف الكذب.
ويقال حملَ فلانٌ فما كَذَّبَ ، بالتشديد ، أى ما جَبُنَ. وحَمَلَ ثم كَذَّبَ ، أى لم يَصْدُقِ الحملة.
قال الشاعر (٣) :
ليثٌ بِعَثَّرَ يصطاد الرجالَ إذا |
|
ما الليثُ كَذَّبَ عن أقرانه صَدَقَا |
وكَذَبَ لبَنُ الناقة ، أى ذهَب.
كرب
الكُرْبَةُ بالضم : الغمّ الذى يأخذ بالنفْس ، وكذلك الكَرْبُ على مثال الضرب. تقول منه : كَرَبَه الغمُّ ، إذا اشتدَّ عليه.
والكرائب : الشدائد ، الواحدة كَرِيبَة.
وقال (١) :
فيَالَ رِزَامٍ رَشِّحُوا بى مُقَدَّماً |
|
إلى الموت خَوَّاضاً إليه الكَرَائِبَا |
وكَرَبْتُ القَيدَ ، إذا ضيَّقتَه على المُقَيَّد.
وقال (٢) :
ازْجُرْ حِمَارَكَ لا يَرْتَعْ بِرَوضَتِنَا |
|
إذَنْ يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ |
وكَرَبَ أن يفعل كذا ، أى كاد يفعل.
وكَرَبْتُ الأرضَ ، إذا قلَّبتها للحرث. وفى المثل : «الكِرَابَ على البقر» ويقال : «الكلابُ على البقر».
وكَرَبَ الشىءُ ، أى دنا. وإناءٌ كَرْبَانُ ، إذا كَرَبَ أن يمتلئ.
وكَرَبَت الشمسُ ، أى دَنَتْ للغروب. يقال كَرَبَتْ حياةُ النارِ ، أى قرُب انطفاؤها. وقال (٣) :
__________________
(١) قبله «كذب عليكم الحج كذب عليكم العمرة كذب عليكم الجهاد».
(٢) هو عنترة ، يقول لزوجته عبلة : عليك بأكل العتيق وهو التمر اليابس ، وشرب الماء البارد ، ولا تتعرضى لغبوق اللبن ، وهو شربه عشيا ، لأنى خصصت به مهرى الذى يسلمنى وإياك. اه مرتضى. ثم قال وعلى هذا فسروا حديث : «كذب النسابون» أى وجب الرجوع إلى قولهم.
(٣) هو زهير.
(١) هو سعد بن ناشب المازنى.
(٢) عبد الله بن عنمة الضبى.
(٣) عبد قيس بن خفاف البرجمى.