وظاهر موثقة إسحاق بن عمار كون الجماع وقع بعد الشراء ، وان الحكم بما ذكرنا انما يترتب على ذلك ، الا أن روايتي السكوني وغياث مطلقتان في ذلك ، فيحتمل تقييدهما بالموثقة المذكورة ، وتخصيص الحكم بما قبل الأشهر المذكورة ، ولكن ظاهر التعليل بالتغذية يعطى الوقوف على ما ذكره الأصحاب ، (رضوان الله عليهم) والله العالم.
ثم ان من جملة الأصحاب من أطلق المنع من الوطي هنا فيما يشمل القبل والدبر ، وبعضها خصه بالقبل كما تقدم نقله عن المحقق في الشرائع ، وبه جزم في الدروس ، قال في المسالك : وتخصيص المصنف الوطي بالقبل هو الظاهر من النصوص ، فإن النهي فيها معلق على الفرج ، والظاهر منه ارادة القبل وفي رواية أبي بصير «له منها ما دون الفرج» وربما قيل بإلحاق الدبر به ، بدعوى صدق اسم الفرج عليها ، وبأن في بعض الاخبار «فلا يقربها حتى تضع» الشامل للدبر ، وغيرهما خارج بدليل آخر ، وهو أولى. انتهى.
أقول لا يخفى ان الروايات المتقدمة قد تضمنت كلا الأمرين المذكورين ، ولكن إطلاق الاخبار انما يحمل على الافراد الشائعة المتكثرة ، دون الفروض النادرة كما تقرر في كلامهم ، والشائع المتبادر من الإطلاق انما هو القبل ، ويؤكده الروايات الدالة على انه مع إتيانها حال الحمل فإنه يعتق الولد ، لأنه غذاه بنطفته ، وشارك فيه ، وهذا لا يمكن فرضه في الجماع في الدبر ، كما هو ظاهر ، والاحتياط يقتضي المنع من الجميع بل الملاعبة ونحوها كما تقدم في الاخبار. والله العالم (١).
__________________
(١) قال المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد : والظاهر ان الدبر كالقبل كما في صحيحة محمد بن قيس لا يقربها ، وكذا رواية إبراهيم ، وفي رواية إسحاق لا يقع عليها ، ولا يبعد شمول السؤال حينئذ لها وهو في الروايات ، ويؤيده التحريم مطلقا في غير الاستبراء ، وقد مر فتأمل ـ انتهى وفيه ما عرفت في الأصل. منه (رحمهالله).