الذي ذكره انما هو معنى مجازي كما يشير اليه قوله (كأنه) وحمل اللفظ على خلاف حقيقته لا يصار اليه الا بدليل يمنع من ارادة حقيقته ، والأمر انما هو بالعكس.
وأما لفظ لا أحب فإنه وان اشتهر بينهم أنه من ألفاظ الكراهة ، إلا أنا قد حققنا في غير موضع مما تقدم أن هذا من الألفاظ المتشابهة ، لاستعماله في الاخبار بمعنى التحريم كثيرا مع استعماله فيها بمعنى الكراهة ، فلا يحمل على أحدهما إلا بالقرينة ، والقرينة هنا على ارادة التحريم ، قوله عليهالسلام في آخر الخبر المذكور «فلا تفعله» الذي هو نهى وحقيقة في التحريم ، مع اعتضاد ذلك بباقي أخبار المسألة التي قد عرفت صراحتها في الحكم المذكور.
وبذلك يظهر لك أن الاخبار المذكورة كلها متفقة الدلالة على الشرطية ، ولو ادعى الوجوب من بعضها كما قيل به لم يكن بعيدا لهذه النواهي ، من قوله «فلا تفارقه ، ولا تفعله» ولأمر بأن ينز معه الحائط.
وبالجملة فإن الظاهر أن هذا المقال انما نشأ من الاستعجال وعدم التأمل فيما نقله من الاخبار بعين التحقيق والاعتبار.
وأما الاخبار التي أشار إليها فهي كما ذكره وهي مستند الصدوق فيما تقدم نقله عنه.
ومنها ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي (١) قال : «سمعت أبا عبد الله (عليهالسلام) يقول : لا بأس أن يبيع الرجل الدينار بأكثر من صرف يومه نسيئة».
وعن عمار الساباطي في الموثق (٢) ورواه الصدوق عن عمار أيضا عن أبى عبد الله (عليهالسلام) قال : «قلت له : الرجل يبيع الدراهم بالدنانير نسيئة قال : لا بأس».
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ١٠٠.
(٢) التهذيب ج ٧ ص ١٠٠ الفقيه ج ٣ ص ١٨٣.