إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تراثنا ـ العددان [ ٤٥ و ٤٦ ]

تراثنا ـ العددان [ ٤٥ و ٤٦ ]

235/414
*

ثم رأيت أن ابن أبي الحديد المعتزلي قد ذكر في (شرح نهج البلاغة) (١) : أن أصحابه يحملون لفظة (النساء) في هذا الخبر على زوجاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأن فاطمة عليها‌السلام عندهم أفضل منها ـ يعني عائشة ـ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنها سيدة نساء العالمين).

ورابعا : أن هذا الحديث معارض بما يدل على أفضلية غير عائشة عليها ، فقد أخرج ابن جرير ، عن عمار بن سعد ، أنه قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين) بل هذا الحديث أظهر في الأفضلية وأكمل في المدح عند من انجاب عن عين بصيرته عين التعصب والتعسف ـ كما قال الآلوسي (٢) ـ.

وقال أيضا : أشكل ما في هذا الباب حديث الثريد ، ولعل كثرة الأخبار الناطقة بخلافه تهون تأويله ، وتأويل واحد لكثير أهون من تأويل كثير لواحد ، والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل.

ثالثها : أن عائشة يوم القيامة في الجنة مع زوجها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣) وفاطمة عليها‌السلام يومئذ مع زوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام ، وفرق عظيم بين مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومقام ابن عمه عليه‌السلام ، وهو قول أبي محمد ابن حزم ، وفساده ظاهر ـ كما قال ابن حجر (٤) ـ وقال الشيخ تقي الدين السبكي : هو قول ساقط مردود.

وأنت تعلم أن هذا الدليل يستدعي أن تكون سائر زوجات

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٤ / ٢٣.

(٢) روح المعاني ٣ / ١٥٦.

(٣) كما أخرج ابن سعد عن مسلم البطين مرسلا : عائشة زوجتي في الجنة ، ورمز السيوطي في (الجامع الصغير) لضعفه.

(٤) فتح الباري ٧ / ١٧٣.