كلمة العدد :
الغزو الثقافي!
الثقافة ، بكلمة واحدة ، هي وعي الذات ، إذ هي نتاج انفعال الفكر والعقيدة والقيم .. فالحديث عن بناء الذات أنى كان إنما هو حديث عن بناء الثقافة من خلال تدعيم الرصيد المعرفي وتأصيله وتأسيس عناصر المواصلة مع المصادر التي تحتل موقع المرجعية الفكرية والعقيدية ..
من هنا تتضح حقيقة أن هزيمة الذات إنما مفتاحها الثقافة ، فمتى استلبت هذه استلب الوعي بالذات ، فلا يتبقى إلا هشيم أو حطام ، أو آلة يسهل تطويعها بيد الآخر ، أو بإشارته! وتبقى هي ـ الذات المهزومة ـ ناظرة إلى الآخر نظرة الداني إلى العالي ، والظامئ إلى الساقي ، تريد أن تستجدي كل شئ دون أن تعي أن لها شيئا تعطيه ، إلا الاستجابة لعطاء الآخر ، والانسياب وفق إرادته ..
ذلك هو دور الثقافة في المجتمع ، ولقد أدرك الغرب ذلك بدقة منذ امتلك أسباب المدنية الحديثة ، التي أقام أسسها أولا على ما استعاره من الآخر ـ المسلمين خاصة ـ فيما ظل سوادنا الأعظم ـ بما فيه النخب الحالمة ـ لا يفهم للثقافة معنى إلا محاكاة الغرب ..