فصل
اعترض شيخنا المحقق الشيخ علي ـ أعلى الله قدره ـ في (شرح القواعد) على تعريف (التذكرة) بأن البعيد لا يشترط في صحة صلاته ظن محاذاة الكعبة ، وبأن الصف المستطيل يحكم بخروج بعضهم عنها ، فيلزم بطلان صلاتهم ، وأظهر منه من يصلي بعيدا عن محراب النبي (ص) بأزيد من مقدار الكعبة (٤٠).
ثم إنه رحمهالله ، أرجع تعريف (الذكرى) إلى تعريف (التذكرة) (٤١) ، وظاهر كلامه أنه حمل (السمت) فيه على الخط المتوهم امتداده من المستقبل في الصوب الذي يستقبله.
وهو كما ترى.
والظاهر أن مراد العلامة ما ذكرناه قبيل هذا ، وأن المراد بالسمت في تعريف (الذكرى) : هو الامتداد المعترض ، لا الطولي.
وكيف يظن بهذين الشيخين ـ طاب ثراهما ـ القول بأن عين الكعبة قبلة للبعيد؟! مع أنهما مصرحان في كتبهما بخلافه ، بل لم يذهب أحد من علمائنا إلى ذلك ، وإنما هو مذهب بعض العامة (٤٢).
__________________
(٤٠) جامع المقاصد ٢ / ٤٨ باختلاف يسير.
(٤١) حيث قال : (وما ذكره لا يكاد يخرج عن كلام التذكرة) أنظر : تذكرة الفقهاء ٢ / ٤٩.
(٤٢) وهم : الجرجاني من الحنفيين وأحد قولي الشافعي.
أنظر : المجموع ٣ / ٢٠٧ و ٢٠٨ ، فتح العزيز ٣ / ٢٤٢ ، شرح فتح القدير ١ / ٢٣٥ ، الكفاية ١ / ٢٣٥ ، شرح العناية ١ / ٢٣٥ ، عمدة القاري ٤ / ١٢٦ ، المغني ١ / ٤٩١ ـ ٤٩٢ و ٥١٩ ، نيل الأوطار ٢ / ١٨٠.