__________________
إنه إله واحد لا شريك له له الخلق وبيده الأمر يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. ولم يتردد الغلام المبارك ، فأسلم وكان أول المسلمين في حين كانت خديجة رضياللهعنها أول المسلمات.
ومن ذلك اليوم ، وهو مع النبي لا يفارقه ، يصلي معه ، ويصغى إليه ، ويراه وهو يتهيأ لتلقى الوحي.
وكم من آية وآيات ، كان هو أول من يسمعها وهي لا تزال حديثة العهد بمنزلها وموحيها. وأخذ الذين اصطفتهم السماء لصحبة الرسول يقبلون عليه مؤمنين : أبو بكر الصديق فعثمان والزبير وطلحة وابن عوف وسعد بن أبي وقاص. فأبو عبيدة وأبو سلمة والأرقم وأبناء مظعون وخباب وسعيد بن زيد وعمّار وعمير وابن مسعود الذين كتب لهم حظ السبق إلى الإسلام.
وصارت دار الأرقم على الصفا مكان لقائهم ، يلتقون فيه خفية وسرا ، فيتلو عليهم الرسول ما يتنزل به الوحي على قلبه ويصلي بهم ، ويبارك إيمانهم.
لم يغب علي عن دار الأرقم أبدا ، ولم يفته من مشاهدها الخالدة مشهد واحد وتحت سقفها وكذلك تحت سقف الدار التي يسكنها النبي ، ويقيم علي معه فيها. طالما سمع آيات الله تتلى ، وطالما غمرته أنوار النبوة تغسل حوبه وذنبه.
ما ذا؟! أأقول تغسل حوبه وذنبه؟! ولكن متى كان له حوب أو ذنب متى ، وهو الذي ولد في الإيمان والعبادة والهدى؟ إنه وهو في السادسة من عمره بدأ يعيش مع محمد الصادق الأمين ، يتأدب على يديه ، ويتأثر بطهره ، وعظمة نفسه ، وتقى ضميره وسلوكه وحين بلغ العاشرة ، كان الوحي قد أمر الرسول بالدعوة وكان هو سابق المسلمين. وسارت حياته من ذلك اليوم إلى أن يجيء اليوم الذي سيلقى فيه ربه تطبيقا كاملا وأمينا لنهج الرسول وتعاليم القرآن.
ألا بوركت هذه الحياة ، حياة لم تكن لها قط ، صبوة ولا شهوة ولا هفوة. حياة ولد صاحبها وتبعات الرجال فوق كاهله. حتى لهو الأطفال ، لم يكن لحياة ابن أبي طالب فيه حظ ولا نصيب.