__________________
وعمر وأبي وعائشة وأبي الدرداء وأبي موسى وغيرهم من الصحابة الذين كان لهم باع طويل في العلم والفتيا في العهد النبوي وبعده.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال : إذا كان علي كثير العلم والفتيا فأين فتاواه وأحكامه إذن؟
في الحقيقة أن فقه علي وفتاواه وأقضيته لم ترو في كتب السنة بالقدر الذي يتفق مع مدة خلافته ولا مع المدة التي كان منصرفا فيها إلى الدرس والإفتاء في مدة الراشدين قبله ، وقد كانت حياته كلها للفقه وعلم الدين ، وكان أكثر الصحابة اتصالا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقد رافق الرسول وهو صبي قبل أن يبعث عليهالسلام ، واستمر معه إلى أن قبض الله تعالى رسوله إليه ، ولذا كان يجب أن يذكر له في كتب السنة أضعاف ما هو مذكور فيها.
هذا ولقد عزا ابن القيم قلة مرويات علي إلى تزيد بعض الشيعة عليه ، فها هو ذا يقول : وأما علي بن أبي طالب عليهالسلام فانتشرت أحكامه وفتاويه ، ولكن قاتل الله الشيعة فإنهم أفسدوا كثيرا من علمه بالكذب عليه ، ولهذا تجد أصحاب الحديث من أهل الصحيح لا يعتمدون من حديثه وفتواه إلا ما كان من طريق أهل بيته وأصحاب عبد الله بن مسعود كعبيدة السلماني وشريح وأبي وائل ونحوهم.
بيد أن الإمام أبا زهرة أوضح أن قلة المروي عن علي ترجع إلى محاربة الحكم الأموي لكل آثاره العلمية ، وفي هذا يقول ما نصه : وإذا كان لنا أن نعرف السبب الذي من أجله اختفى عن جمهور المسلمين بعض مرويات علي وفقهه ، فإنا نقول : إنه لا بد أن يكون للحكم الأموي أثر في اختفاء كثير من آثار علي في القضاء والإفتاء لأنه ليس من المعقول أن يلعنون عليا فوق المنابر ، وأن يتركوا العلماء يتحدثون بعلمه ، وينقلون فتاويه وأقواله للناس وخصوصا ما كان يتصل منها بأساس الحكم الإسلامي. والعراق الذي عاش فيه علي رضياللهعنه وفيه انبثق علمه كان يحكمه في صدر الدولة الأموية ووسطها حكام غلاظ شداد لا يمكن أن يتركوا آراء علي تسري في وسط الجماهير الإسلامية ، وهم الذين يخلقون الريب والشكوك حوله ، حتى إنهم يتخذون من تكنية