__________________
الحرية :
ومما أخذ على بني أمية أنهم شرعوا سبّ علي بن أبي طالب في حياته ، فلما مات استمروا على ذلك المنكر ، وتساءل الناس : كيف لم يتسع حلم معاوية لذلك الأمر ، فيترك سبّ خصمه الذي مات؟ وقيل في هذا إنّه ـ ان عد عيبا شخصيا ـ لا يقلل من صلاحية معاوية أو غيره من أبطال بني أمية للخلافة ، ولا يحط من أقدارهم كقادة وساسة مبرزين ، وربما جاز لنا أن نأخذ الأمر من ناحيته السياسية فنذكر أن بني أمية اضطروا لذلك اضطرارا ليصرفوا العامة من الناس عن تعلقهم بآل البيت لأنهم آل البيت ، فأخذوا يسبون عليا لا لشيء إلا لأجل حماية دولتهم ، وقد وضح عبد العزيز بن مروان هذا الأمر في حديث له مع ابنه عمر ، قال : عمر بن عبد العزيز : كان أبي عبد العزيز بن مروان يمر في خطبته يهدّها هدا ، حتى إذا وصل إلى ذكر أمير المؤمنين عليّ تتعتع ، فسألته في ذلك فأجاب : يا بني أدركت هذا مني؟ قلت : نعم ، قال : يا بني اعلم أن العوام لو عرفوا من علي ما نعرفه لتفرقوا عنا إلى ولده.
فمثل هذا السبب كان دواء للعوام ، فلا شك أن الذي يترك معاوية لعلي يستطيع أن يجد وسيلة يسبب بها هذا التصرف ، ولكنه من فعل العوام أن يدع رجل معاوية وينضم إلى ولد علي لا لكفاءة ، ولا لدهاء سياسي أو مقدرة حربية ، وإنما فقط لأنه ابن علي ، وشعور العامة هذا هو الذي دفع بني أمية ليسبّوا عليا ولينسبوا إليه أشياء أغلب الظن أنهم لا يؤمنون بها.
وقال الفاضل المعاصر محمد رضا أمين مكتبة جامعة فؤاد الأوّل سابقا في كتابه : «الحسن والحسين سبطا رسول الله صلىاللهعليهوسلم» ص ٣٠ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت :
ولا ندري كيف أباح معاوية شتم علي رضياللهعنه ولا سيما بعد أن قتل ، نعم إن عليا حاربه لأنه امتنع عن بيعته ، وجرد جيشا لقتاله بحجة المطالبة بدم عثمان ولأنه كان يرى نفسه أنه أحق بالخلافة من معاوية ، وعلى كل حال لا يجوز شتمه رضياللهعنه ، وكان لا يليق بمعاوية أن يبيح شتم رجل شريف أسلم صبيا وتربى في حجر رسول الله