والاطلاع الى عالم الملكوت متجددة بتجدد الأيام ، والليالي متزايدة آناً فآناً ، فكلما ترقوا من مرتبة الى اخرى عدّواً تلك المرتبة السابقة ذنباً بالنسبة الى ما هم فيه .
الوجه الثامن : ان العبد الممكن المتلوث بشوائب النقص والعجز ، قابل التلبس بجميع المعاصي لولا الألطاف الإِلۤهية ، فاعترافهم عليهم السلام بالذنوب انما هو بالنسبة الى المادة البشرية لا بإعتبار العصمة الإِلۤهية وقد أشير الى هذا في قول يوسف عليه السلام ان النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي وقوله تعالى : (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) وقوله عليه السلام « اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين » .
الوجه التاسع : ان التكاليف إنما هي بإزاء النعم فكلما كانت النعمة على العبد أتم كان تكليفه أشد من غيره ، ولذا كلفوا عليهم السلام بتكاليف شاقة ، ولا ريب أنه تعالى قد منحهم من النعم ما لم يمنحه غيرهم ، فهم يهمون بالشكر الذي هو ثمن النعمة ، ولم يطبقوه فيعدون أنفسهم في مرتبة التقصير والذنب ، فيستغفرون منه .
وقد روي عن عطاء أنه
قال دخلت على إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكت وقالت : وأي شأنه لم يكن عجباً إنه أتاني في ليلتي ، فدخل معي في فراشي ، أو قالت في لحافي حتى مس جلدي جلده ، ثم قال ذريني اتعبد لربي فقلت : اني احب قربك ، فأذنت له ، فقام الى قربة ماء فتوضأ ، ولم يكثر