من هذا يتضح لنا أن
مرحلة القدر هي : مرحلة التدبير ، والترتيب . إذ كل شيء في هذا الوجود مرتب ، ومقدر ، وله نظامه الخاص ، نظام هندسي دقيق يقدر الشيء فيه بعرضه ، وطوله .
كل شيء بما تشتمل
عليه كلمة « شيء » من صغير ، وكبير ، ومرئي ، وغير مرئي ناطقٍ ، وصامت متحركٍ ، وساكن كل ذلك بنص الآية الكريمة : (
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )
.
قدر يحدد حقيقته ، وصفته
، ومقداره ، وزمانه ، ومكانه ، وتفاعله وتأثيره ، وتأثره من غير فرقٍ بن الذرات الصغيرة ، والاجرام الكبيرة . فالقضية لا تتبع الحجم ، بل تتبع النظام التركيبي ، والنظام التسبيبي المنتج لما يترتب على الأسباب من مسببات .
فالقدر : هو هذه
الأوليات التي قدر الله لها أن تسير على ذلك النظام الخاص ـ وعلى سبيل المثال ـ فعملية الزرع نراها تأخذ مجراها الطبيعي لو حقق لتلك العملية أن تستكمل الشروط الخاصة من سقي الأرض ، وبذر البذر ، وكون الأرض صالحة للزراعة ، وتكون النتائج المترتبة على ذلك هي :
خروج الزرع في الوقت
المحدد له . أما لو قدر ، ولم يحصل أحد هذه المقدمات والشروط المذكورة ، فإن النتاج لا يحصل ، أو يحصل ، ولكنه ليس بالشكل الذي يكون عليه لو قدر للشروط ان تحصل كاملة .
وهكذا بقية الأمور
التي قدر لها أن توجد في هذا الكون ، وفي كل أنٍ من آنات الزمن للحيوان ، والنبات ، وغيرهما مما في هذا الوجود .
كل ذلك بالإِمكان أن
نطلق عليه ـ تبعاً لما تفيده الآية الكريمة ،