« وخير الدعاء ما صدر عن قلب نقي ، وقلبٍ تقي » (١) .
كما جاء في حديث آخر .
ومع سوء النية ، وخبث السريرة كيف يحافظ الداعي على صدر نقي من كل شائبة ، وقلب تقي سليم من الحواجب المظلمة ؟
لذلك نرى أمثال هؤلاء الدعاة هم المعنيون بقول الإِمام أمير المؤمنين « عليه السلام » « ثم تدعون فلا يستجاب » (٢) .
وقبل أن ننتقل من هذه الفقرة لا بد لنا من الإِجابة على ما يرد عليها من الإِشكال التالي :
ان الداعي بهذه الفقرة يطلب من ربه أن يغفر له الذنوب التي تحبس الدعاء ، ومع وجود تلك الذنوب ، وفرض محبوسية الدعاء عن الإِجابة ، فإن الدعاء في هذه الصورة أيضاً يكون محبوساً فلا يؤثر أثره فلماذا اذاً يدعو بها ، ويردد « اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء » .
والجواب عن ذلك : أنا سبق وأن بينا بأن هذه الذنوب ليست أسباباً حقيقية لايجاد مسبباتها ، بل هي من باب المقتضي لترتب الأثر عليها فلم يثبت أن وجود سوء النية ، والذي ذكر أنه يحبس الدعاء هو الذي اذا وجد عند الإِنسان حبس دعاءه وأعرض الله عن سماع كل دعوة له ـ بل كما قلنا ـ أن ذلك مقتضي لهذا الأثر ، واذا ثبت ذلك
__________________
(١) أصول الكافي : باب ( ان الدعاء سلاح المؤمن ) حديث ـ
(٢) نهج البلاغة من وصية له « عليه السلام » للحسن والحسين « عليهما السلام » لما ضربه ابن ملجم ( لعنه الله ) .