يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا؟ فكان جوابه أنه قال : ترجون لي البقاء وقد خفتم على الفناء ، أما علمتم أن النفس قد تلتاث على صاحبها ما لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه ، فإذا أحرزت معيشتها اطمأنت.
وأما أبو ذر فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ، ويذبح منها إذا اشتهى اللحم ، أو نزل به الضيف. ومن أزهد من هؤلاء وقد قال فيهما رسول الله ما قال ... ولم يبلغا من الزهد أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون على أنفسهم وعيالهم.
فالإمام يريد مجتمعا عاملا متواصلا ، فيه قصد وجد ، فبهذا يعين الله من يعين نفسه من عباده.
وقال في ص ١٧٣ :
يسأله سائل عن قوله تعالى (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) فيجيب : من أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله قتلها.
ويجيئه زنديق يسأله عن تفسير قوله تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) وقوله تعالى في آخر السورة (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) فيفحم الإمام الزنديق فيقول : أما قوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) فإنما عنى النفقة ، وأما قوله (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) فإنما عنى المودة ، فإنه لا يقدر أحد أن يعدل بين امرأتين في المودة.
ويقول عن الرزق الذي يحض الله على الإنفاق منه (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فيفسرها : ومما علمناهم يبثون ، فالعلم رزق ، وإذاعته إنفاق واجب.
ومن تعبيره عن حجية القرآن أبدا يسأله السائل : لم صار الشعر والخطب يمل ما