من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم.
ثم تناول بيده فأجلسه معه على مفرشه ثم قال : يا غلام علي بالمتحفة والمتحفة مدهن كبير فيه غالية ، فأتي به فغلفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة ، ثم قال له : في حفظ الله وكلاءته ، يا ربيع الحق أبا عبد الله جائزته وكسوته. فانصرف فلحقته فقلت : إني قد رأيت قبل ذلك ما لم ير ، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت ، وقد رأيت تحرك شفتيك فما الذي قلت؟ قال : نعم إنك رجل منا أهل البيت ولك محبة وود ، قلت : اللهم احرسني بعينيك التي لا تنام ، وبرك الذي لا يرام ، واغفر لي بقدرتك علي ، لا أهلك وأنت رجائي ، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قلّ لك عندها شكري ، وكم من بلية ابتليتني بها قلّ عندها صبري ، فيا من قلّ عند نعمته شكري فلم يحرمني ويا من قلّ عند بلائه صبري فلم يخذلني ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني ، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا ويا ذا النعم لا تحصى عددا أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد أبدا وبك أدرأ في نحره وأعوذ بك من شره ، اللهم أعني على ديني بالدنيا وأعني على آخرتي بالتقوى واحفظني فيما غبت عنه ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته ، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة اغفر لي ما لا يضرك وأعط لي ما لا ينقصك إنك أنت الوهاب ، أسألك فرجا قريبا وصبرا جميلا ورزقا واسعا والعافية من جميع البلاء وشكر العافية (١).
__________________
(١) قال الفاضل المعاصر الشيخ عبد العزيز البدري البغدادي في كتابه «الإسلام بين العلماء والحكام» ص ١٤٤ ط المكتبة العلمية في المدينة المنورة ، قال :
الصبر على ظنون الحكام من المحن ، واستدعاء الحكام للصابرين للتحقيق معهم في هذه الظنون بجو إرهابي عنيف من المحن أيضا ، وإرسال عيون الدولة لمراقبة التصرفات ، وإحصاء الأنفاس وإرصاد الكلمات من المحن كذلك. ثم أليس من المحنة أن يوصي الإنسان أهله قبل كل استدعاء لأنه لا يعلم مصيره ولا ما يجري له خلال هذا الاستدعاء لأنه استدعاء ليس للتكريم.