الْغَيْظَ) فقال : كظمت غيظي. قال : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) قال : عفوت عنك. قال: (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) فقال له : وأنت حر لوجه الله.
ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد أبو زهرة في «تاريخ المذاهب الإسلامية» (ص ٧١٣ ط دار الفكر العربي) قال :
لقد كان سمحا كريما لا يقابل الإساءة بمثلها ، بل يقابلها بالتي هي أحسن (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ، وكان يقول : إذا بلغك عن أخيك شيء يسوءك فلا تغتم ، فإنه إن كان كما تقوّل فيه القائل كانت عقوبة قد عجلت ، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم يعلمها.
وكان رفيقا مع كل من يعامله من عشراء وخدم. ويروى في ذلك أنه بعث غلاما له في حاجة فأبطأ ، فخرج يبحث عنه ، فوجده نائما ، فجلس عند رأسه ، وأخذ يروح له حتى انتبه ، فقال له : ما ذلك لك ، تنام الليل والنهار ، لك الليل ولنا النهار.
بل إن التسامح والرفق ليبلغ به أن يدعو الله بغفران الإساءة لمن يسيء إليه ، ويروى في ذلك أنه كان إذا بلغه نيل منه أو شتم له في غيبته ، يقوم ويتهيأ للصلاة ، ويصلي طويلا ، ثم يدعو ربه ألا يؤاخذ الجاني ، لأن الحق حقه ، وقد وهبه للجاني غافرا له ظلمه. وكان يعتبر من ينتقم من عدوه ـ وهو قادر على الانتقام ـ ذليلا ، وإذا كان في العفو ذل فهو الذل الصغير والانتقام من القادر إذا أهانه الضعيف هو الذل الكبير.