عم البرية بالإحسان فانقشعت |
|
عنه الغيابة والإملاق والعدم |
كلتا يديه سحاب عم نفعهما |
|
يستوكفان ولا يعروهما العدم |
سهل الخليقة لا يخشى بوادره |
|
يزينه اثنان حسن الخلق والكرم |
لا يخلف الوعد ميمون نقيبته |
|
رحب الفناء أريب حين يعتزم |
من معشر حبهم دين وبغضهم |
|
كفر وقربهم منجى ومعتصم |
يستدفع السوء والبلوى بحبهم |
|
ويسترب به الإحسان والنعم |
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم |
|
في كل بر ومختوم به الكلم |
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم |
|
أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم |
لا يستطيع جواد بعد غايتهم |
|
ولا يدانيهم قوم وإن كرموا |
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت |
|
والأسد أسد الشرى والبأس محتدم |
يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم |
|
خيم كريم وأيد بالندى هضم |
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم |
|
سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا |
أي الخلائق ليست في رقابهم |
|
لأوليّة هذا أو له نعم |
من يشكر الله يشكر أوليّة ذا |
|
فالدين من بيت هذا ناله الأمم |
قال : فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق ، فحبس بعسفان بين مكة والمدينة ، فبلغ ذلك علي بن الحسين ، فبعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم ، وقال : اعذر أبا فراس فلو كان عندنا أكثر منها لو لوصلناك بها فردها ، وقال : يا بن رسول الله ما قلت الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله ، وما كنت لأرزأ عليه شيئا. فردها إليه ، وقال : بحقي عليك لما قبلتها ، فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك ، فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس ، فكان مما هجاه به :
أيحبسني بين المدينة والتي |
|
إليها قلوب الناس يهوي منيبها |
يقلب رأسا لم يكن رأس سيد |
|
وعين له حولاء باد عيوبها |
قال : فبعث ، فأخرجه.