لما أقدموا عليه ، من دون حتم.
وإلا ، فإن كان قضاءا مبرما وأجلا حتما لازما ، فكيف يكونون مختارين فيه؟! وما معنى موافقتهم على ما ليس لهم الخروج عنه إلى غيره؟!
ثانيا : أن لهم اختيار نوع الموت الذي يموتون به ، من القتل بالسيف ضربة واحدة ، كما اختار الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ذلك ، أو بشرب السم أو أكل المسموم كما اختاره أكثر الأئمة عليهمالسلام ، أو بتقطيع الأوصال وفري الأوداج واحتمال النصال والسهام وآلام الحرب ، والنضال ، وتحمل العطش والظمأ ، كما جرى على الإمام سيد الشهداء عليهالسلام.
ولا يأبى عموم لفظ العنوان (لا يموتون إلا باختيار منهم) عن الحمل على ذلك كله.
مع أن في المعنى الثاني بعدا اجتماعيا هاما ، وهو : أن الأئمة الأطهار عليهمالسلام كانوا يعلمون من خلال الظروف ، والأحداث ، والمؤشرات والمجريات ، المحيطة بهم ـ بلا حاجة إلى الاعتماد على الغيب وإخباره ـ أن الخلفاء الظلمة ، والمتغلبين الجهلة ، على حكم العباد والبلاد ، سيقدمون على إزهاق أرواحهم المقدسة بكل وسيلة تمكنهم ، لأنهم لا يطيقون تحمل وجود الأئمة عليهمالسلام الرافضين للحكومات الجائرة والفاسدة ، والتي تحكم وتتحكم على الرقاب بالباطل ، وباسم الإسلام ليشوهوا سمعته الناصعة بتصرفاتهم الشوهاء.
فكان الأئمة الأطهار تجسيدا للمعارضة الحقة الحية ، ولو كانوا في حالة من السكوت ، وعدم مد اليد إلى الأسلحة الحديدية ، لكن وجوداتهم الشريفة كانت قنابل قابلة للانفجار في أي وقت! وتعاليمهم كانت تمثل الصرخات المدوية على أهل الباطل ، ودروسهم وسيرتهم كانت تمثل الشرارات ضد تلك الحكومات!
فكيف تطيق الأنظمة الفاسدة وجود هؤلاء الأئمة ، لحظة واحدة!