ذلك حاصلا بمجرد تصفح الكتب الرجالية ، ووجدان اسم لرجل ، والحكم عليه بالضعف أو الثقة ، تبعا للمؤلفين الرجاليين وتقليدا لهم ، مع عدم معرفة مناهجهم وأساليب عملهم.
وإن من المؤسف ما أصاب هذا العلم ، إذ أصبح ملهاة للصغار من الطلبة ، يناقشون به أسانيد الأحاديث ، مع جهلهم بالمناهج الرجالية التي أسس مؤلفو علم الرجال كتبهم عليها ، وبنوا أحكامهم الرجالية على أساسها ، مع أهمية ما يبتني على تلك الأحكام من إثبات ونفي ، ورد وأخذ ، لأحاديث وروايات في الفقه والعقائد والتاريخ وغير ذلك.
كما أن معرفة الحديث الشريف ، وأساليب تأليفه ومناهج مؤلفيه له أثر مهم في مداولة كتبهم والاستفادة منها.
ولقد أساء من أقحم ـ ولا يزال يقحم ـ الطلبة في وادي هذا العلم ، الصعب المسالك ، فيصرفون أوقاتهم الغالية في مناقشات ومحاولات عقيمة ، ويبنون عليها الأحكام والنتائج الخطيرة.
كالمناقشة في أسانيد أحاديث هذا الباب الذي نبحث عنه في كتاب (الكافي) للشيخ الكليني ، فقد جهل المناقش أمورا من مناهج النقد الرجالي ، ومن أسلوب عمل الكليني ، فخبط خبط عشواء في توجيه النقد إلى (الكافي).
فمن ناحية : إن قسم الأصول من (الكافي) إنما يحتوي على أحاديث ترتبط بقضايا عقائدية ، وأخرى موضوعات لا ترتبط بالتعبد الشرعي ، كالتواريخ وأحوال الأئمة ومجريات حياتهم.
ومن المعلوم أن اعتبار السند ، وحاجته إلى النقد الرجالي بتوثيق الرواة أو جرحهم ، إنما هو لازم في مقام إثبات الحكم الشرعي ، للتعبد به ، لأن طريق اعتبار الحديث توصلا إلى التعبد به متوقف على اعتباره سنديا ، بينما القضايا الاعتقادية ، والموضوعات الخارجة لا يمكن التعبد بها ، لأنها ليست من الأحكام الشرعية ، فليس المراد منها هو التعبد بمدلولها والتبعية للإمام فيها ،