كما دلت آيات أخرى على حصول الأفعال له :
فقال تعالى : (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك ...) الآية (٤٤) من سورة آل عمران (٣).
وقال تعالى : (إنا أعطيناك الكوثر) الآية (١) من سورة الكوثر (١٠٨).
وقال تعالى : (ذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ...) الآية (٢٤) من سورة يوسف (١٢).
مع أن ذيل الآية ـ المستدل بها ـ وهو قوله تعالى : (... إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) يدل على المراد من صدرها :
فإن مهمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم منحصرة بالإنذار والتبشير ، وإنما خصصهما (لقوم مؤمنين) لاعترافهم وقناعتهم بالنبوة وإيمانهم بأنباء الغيب الذي يأتي به وينذر به ويبشر به.
بينما غير المؤمنين ، لا يقتنعون بهذا الغيب ، فماذا يريد النبي نفيه من الغيب في صدر الآية؟!
إنه ينفي عن نفسه العلم بالغيب الذي طلبوا معرفته منه بالاستقلال وبلا وحي ، معرفة ذاتية لدنية ، فإنهم كانوا يطالبونه بالإخبار عن علم الساعة ، كأسئلة امتحانية يريدون إبكات النبي وإفحامه بها كما صرحت بذلك الآية السابقة على هذه والمرقمة (١٨٧) من سورة الأعراف ، فكان النفي وأراد على (علم الغيب بالساعة) ومن غير الوحي ، ولا من خلال الرسالة ، ومن دون أن تتعلق مشيئة الله أن يعلمه نبيه.
وإلا ، فنفس النبوة والإنذار والتبشير ، هي من الغيب الذي جاء به ، ومدح المؤمنين بأنهم (يؤمنون بالغيب).
فلو دل دليل على عدم إخبار نبيه به ، مما اختص الله علمه بنفسه ، كأمر الروح ، وعلم الساعة ، وما نص ـ من الأمور ـ على أن علمها عند الله ، فهو من العلم المكنون الخاص بالله تعالى.