كان يلقي دروسه في المسجد ، فقد جاء في طبقات ابن سعد حكاية عن رجل دخل المسجد فاذا عامر بن عبد الله بن عبد القيس جالس الى كعب ، وبينهما سفر من اسفار التوراة ، وكعب يقرأ (١) .
وروى ابن سعد أيضاً في طبقاته الكبرى عن عبد الله بن شقيق أن أبا هريرة جاء الى كعب يسأل عنه ، وكعب في القوم ، فقال كعب : ما تريد منه ؟ فقال : أما اني لا أعرف أحداً من أصحاب رسول الله أن يكون أحفظ لحديث رسول الله مني ! ! فقال كعب : أما انك لم تجد طالب شيء إلّا سيشبع منه يوماً من الدهر إلّا طالب علم ، أو طالب دنيا ! فقال ابو هريرة : أنت كعب ؟ فقال : نعم ، فقال : لمثل هذا جئتك (٢) .
انني جئتك لأطلب عندك العلم ، وأستقي من معينك الغزير .
وقد وجد كعب بغيته في ابي هريرة الذي يزعم أنه أحفظ الناس لحديث رسول الله ، فكان نعم التلميذ النجيب الذي يحمل عنه ما يريد بثه مما يفسد عقائد المسلمين (٣) .
وقد بلغ من دهاء كعب الأحبار واستغلاله لسذاجة ابي هريرة وغفلته أن كان يلقنه ما يريد بثه في الدين الاسلامي من خرافات وأساطير حتى اذا رواها ابو هريرة ، عاد هو فصدق ابا هريرة ، ليؤكد هذه الاسرائيليات وليمكن لما في عقول المسلمين كأن الخبر قد رواه ابو هريرة عن النبي ، وهو في الحقيقة عن كعب الأحبار !
فمن الأحاديث التي رواها ابو هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهي في الحقيقة من الاسرائيليات :
روى احمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن ( أبي هريرة ) أن رسول الله قال : « انّ في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام ولا يقطعها » اقرؤوا ان شئتم
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٧ : ١١٠
(٢) شيخ المضيرة : ٩٠ عن الطبقات ٤ : ٣٣٢ ، وقال الحاكم في المستدرك ١ : ٩٢ : صحيح على شرط الشيخين .
(٣) شيخ المضيرة أبو هريرة : ٩٠ .