منهجا نقديا يبتني على الجسارة والشجاعة المتوفرة في كتابة عصرية ، كالتي في (تدوين السنة) لإبراهيم فوزي.
وأما نسبة التمسك بحديث النهي إلى الصحابة ـ بلفظ العموم ـ فهو أمر ينافيه المنقول عن أكثرهم أنهم كانوا يقولون بإباحة التدوين ، وقد أشاروا بذلك على عمر أيضا ، لكن المؤلف لم يشر إلى ذلك ، بل يظهر من عبارته خلاف ذلك تماما!
وثالثا : وكذلك قوله :
|
(لم يرد على لسان أحد من الصحابة أن النبي (ص) نسخ حديث النهي). |
يوهم أن حديث النهي ثابت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بصورة قطعية ، ولا بد في رفعه من ناسخ يروى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبما أنه لم يرد عن الصحابة نقل النسخ ، فالنهي مستمر.
مع وضوح أن النسخ فرع ثبوت النهي ، ومع الشك في ثبوت النهي كاف في نفي العلم بوجوده ما لم يقم عليه دليل قاطع ، ولا معنى لنسخ ما لم يثبت.
ويمكن إلى عملهم ، إذ كانوا يكتبون السنة ، في إعلان النسخ ـ لو ثبت النهي ـ فإن العمل أقوى دلالة من مجرد النقل في مثل هذا ، لأنه غير قابل للتأويل ولا ترد فيه الاحتمالات الآتية في الكلام المنقول.
ورابعا : لو سلم ـ جدلا ـ ثبوت نهي عن التدوين ، فلا أثر لتمسك الصحابة ـ الذين منعوا عن التدوين ـ بمثل ذلك ، إذ مع وجود النهي الصريح من رسول الشريعة ، فليس عمل بعض دليلا آخر مستقلا ، وإنما هو تطبيق منهم له مستند إلى مقدار ما أدركوه من مدلول النهي ، وقد يكونون مخطئين في ذلك ـ لعدم عصمتهم ـ كما قد اعترف المؤلف بأن عملهم كان أشد مما قام به النبي نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال في ص ٥٥ :