|
كتابة السنة ، فأمسكوا عن تدوينها ، وتشددوا ضد الذين كانوا يكتبونها ، وكانوا يتلفون ما كتب منها ، ولم يرد على لسان أحد من الصحابة أن النبي (ص) نسخ حديث النهي عن كتابتها) .. |
والمفارقات الواضحة في هذا الكلام نوجزها في ما يلي :
أولا : الذين كتبوا ما كتب من السنة ، وكانوا يكتبونها ـ حسب تعبيره ـ لم يكونوا ـ قطعا ـ إلا من الصحابة الذين اتصلوا بالنبي مباشرة ، ولم يكونوا غرباء خلقوا فجأة في مجتمع الصحابة!
ومع هذه الحقيقة الضمنية في كلامه ، فإن عنوان (إمساك الصحابة عن تدوين السنة) متهافت لا يناسب هذه الحقيقة على الأقل ، لأن هؤلاء لم يمسكوا عن التدوين!
وماذا كان يضر المؤلف لو عنون للفصل ب (إمساك بعض الصحابة عن تدوين السنة)؟! لكن ليس لهذا العنوان ، وقع قوي مثل ما للعنوان الأول ، على طريق ما بيته المؤلف؟!
وثانيا : قوله : (تمسك الصحابة بالحديث الذي نهى فيه النبي (ص) عن تدوين السنة) يوحي أن (حديث النهي) ثابت لا ريب فيه ، وقد عرفت ـ قريبا ـ أنه لم يثبت لتردده بين أن يكون موقوفا على أبي سعيد ومن كلامه هو ، لا من كلامه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبين أن يكون مرفوعا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكيف يوحي خلاف ذلك؟!
مع أنه لم يثبت مورد واحد جاء فيه (تمسك الصحابة) بما نسب إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من حديث النهي ، وقد تتبعنا جميع ما ورد في الباب ، فلم نقف على مثل ذلك ثابتا في حديث صحيح لا علة فيه ، وقد اعترف الباحثون عن مسألة التدوين بنفي استناد الصحابة إلى حديث في النهي ، حتى أولئك الذين تشددوا من الصحابة في أمر التدوين ، لم يجسروا على نسبة المنع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لعلهم لم يفعلوا ذلك لأنهم لم يلتزموا