* حديث النهي لا يحتج به :
إن عمدة ما استدل به القائلون بأن السنة لم تدون في العصر الأول هو حديث أبي سعيد الخدري ، الذي ذكره مسلم في صحيحه ـ دون البخاري ـ وافتتح به المؤلف الفصل الثاني ـ ص ٣٧ ـ وظلت صورته عالقة بقلمه إلى آخر البحث ، لا يصح الاحتجاج به لإثبات شئ ، وهو ما يدور النص فيه بين أن يكون من كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسمى (المرفوع) وهو حينئذ حجة ، وبين أن يكون من كلام أبي سعيد نفسه ، فيسمى (الموقوف) فلا يكون حجة! لأنه حينئذ يدخل كطرف في النزاع بين الصحابة المجوزين والمانعين ، في أمر التدوين ، فلا يشكل حجة على الطرف المعارض للمنع.
وتعليل الحديث ـ المسقط له عن الاحتجاج ـ بدورانه بين الوقف والرفع مذكور في مصطلح الحديث وفي الكتب الخاصة ب (علل الحديث).
والمؤلف إبراهيم فوزي نفسه ، واقف على الفرق بين مصطلحي (المرفوع) و (الموقوف) وقد أيد معارضة القول بأن (الموقوف الذي لا مجال للرأي فيه له حكم المرفوع) وأن ذلك ليس كلاما يوجب الاغترار به ، كما في ص ١٧٦ هامش ٦.
إذن ، فلماذا يغتر هو بهذا الحديث ، ويغرر قراءه ، فيكرر الاستناد إليه ، ولا يشير إلى هذه العلة القادحة في حجيته ، لا من قريب ولا من بعيد؟!
ثم إن موقفه من رأي أهل البيت عليهمالسلام وموقفهم من مسألة تدوين الحديث لا يخلو من تقصير ، إذ لا نجد في كتابه إيعازا إلى ذلك ، سوى ما رواه من خطبة الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، أنه خطب مرة فقال : (أعزم على كل من كان عنده كتابة عن رسول الله ، إلا رجع محاها ، فإنما هلك الناس حيث اتبعوا أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم) ومصدره : سنن الدارمي