٢ ـ مع مؤدى العنوان
* حياد أو انحياز؟
إن الكاتب ، وعلى الرغم من دعواه عرض البحث بكل حياد ، وتجرد ، لم يكن حياديا في عرضه ما يرتبط بمسألة (تدوين الحديث) بالذات.
فمثلا ، نجد انحيازه واضحا عندما يعرض أدلة الطرفين حول (تدوين السنة) إثباتا ونفيا ، فيذكر في ص ٤٢ بعض أدلة إباحة التدوين ، ويحاول في الهامشين ١٤ و ١٥ إيراد تضعيفها أو إسقاط رواتها ، ولكنه لما يذكر أدلة المنع ـ وقد بادر بذكرها في الأسبق ـ في بداية الفضل الثاني الذي عقده للبحث عن (التدوين) فهو لا يشير إلى أية نقطة ضعف في أدلة المنع ، ولا خدشة في رواتها!
ونفس عمله في عنوان الفصل الثاني ، المعقود لجمع أدلة الطرفين ، لكنه عنونه ب (النهي عن تدوين السنة) يتم عن روح الانحياز والتطرف إلى جهة المنع ، وكذلك عنوان الفصل الثالث الذي يليه وهو (إمساك الصحابة عن تدوين السنة) وأما الفصل الرابع المعنون (إباحة تدوين السنة) فهو يعنى بفترة ما بعد القرن الأول ، مع أنه قد بدأه بقوله :
|
(مضى القرن الأول للهجرة ولم يدون من السنة شئ ، كما جمع القرآن ، ولم يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين أنه دون صحيفة أو كتب كتابا يحوي أحاديث النبي (ص) وسننه ، سوى ما روي عن بعضهم أنهم كتبوا لأنفسهم أحاديث عن الرسول لكي يحفظوها ، ثم أتلفوها ...). |
إن هذه البداية تكشف بمنتهى الوضوح عن انحياز الكاتب إلى ما يهواه من إثبات عدم التدوين.