للأدلة منها.
فليس ما عرضه الكاتب في هذا المجال خاصا بأحاديث تتحدث عن المستقبل فقط ، بل أحاديث الماضي ـ وحتى الحال ـ تحتاج إلى مثل هذا النقد ، المستلهم أساسا من مزاولات العرف ، وقرائن الحال والمقال.
والملاك في الجميع ـ الماضي والحال والمستقبل ـ واحد ، وهو كونها جميعا من «الغيب» الذي لا يعلم إلا عن طريق المخبر الصادق ، والعارف.
وبما أنه من المنقول ويعتمد على السماع ، فالملجأ الوحيد هي الأخبار والأحاديث الراوية لذلك ، لا غير.
ولكن الأمر بالنسبة إلى المؤمنين بالنصوص الدينية مختلف ، فلو جاء القرآن الكريم ، الذي هو «الوحي المعجز» أو جاء به الحديث الشريف ، الذي هو «وحي غير معجز» فإنهم يؤمنون بذلك اعتمادا على الإيمان بالله والرسول.
والسر في ذلك : أن الله تبارك وتعالى ، وإن كلفنا بالاستمداد من العقل وتحكيمه ، إلا أن ذلك متصور فيما طريقه العقل فقط ، وأما ما لا طريق للعقل في الحكم فيه فإنه تعالى كلفنا باتباع الرسل ، والأخذ منهم ، والاعتماد على ما ينقلونه من أخبار الشرع وغيره ، وأتباعهم فيما يفعلونه والتزام ما يقررونه.
فالشرائع السماوية تعتمد على عنصر «التبليغ» ويتقرر الواجب على المسلم عند «البلوغ».
ومهمة الرسل هو إيصال الأحكام والحقائق والمعارف إلى البشر ، وإتمام حجة البلوغ عليهم.
أما المؤمنون فهم مكلفون بالتزام ما وصل إليهم وبلغهم من كلام الرسل.
قال الله تعالى : (وما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا).
ولما كانت الشريعة الإسلامية تعتمد عنصر النقل والبلوغ ، فقد قرر علماء الدراية والمصطلح ، قواعد محكمة متينة لضبط أمور الرواية والنقل ، وهي قواعد لم تسبقهم الأمم في كل الحضارات إلى ذلك ، سواء في ذلك الإلهية أم