أمر لم يختلف فيه اثنان من المسلمين ، وهذا الأصل هو المعنى المدعى «تواتره» وثبوته ، من مجموع الأخبار والأحاديث الواردة في باب «المهدي».
فما ركز الباحث عليه نقده في متن كثير من تفاصيل أحاديث المهدي ، على حساب أصل القضية ، إنما هو تهويل منه للتمهيد إلى إنكار الأصل.
وإلا فمهما كانت التفاصيل باطلة أو فاسدة وغير ثابتة ، فإن ذلك لا يمس ثبوت «أصل حديث المهدي» بشئ.
ألم يكن من الأفضل أن يفرق الكاتب في سطر واحد بين الأصل وهو : أن وجود إمام باسم المهدي وردت بخروجه في آخر الزمان أخبار وروايات كثيرة ، وكتبت من أجله آلاف الصحائف ، ورويت حوله عشرات الروايات بمئات الأسانيد هو قضية ثابتة ، وعليها اتفاق جمهور المسلمين على اختلاف طوائفهم ، وبين التفاصيل المنقولة حوله؟!
فلو كانت تفاصيلها غير قابلة للقبول ، حسب عقل الكاتب! أو ضعيفة السند ، لم تقم الحجة به ، أو غير متفق عليها حسب المعروف من مذاهب المسلمين! فهذا هو الذي ينبغي أن يكون منشأ للبحث والجدل؟!
أما عرض بعض التفاصيل ، غير المقبولة ، حسب عقل الكاتب ، وجعلها ملاكا للحكم على كل القضية وحتى أصلها الثابت ، بالوضع والبطلان ، وجعل ذلك دليلا للتهجم على أصل الحديث ، فهذا خارج عن مناهج نقد الحديث ، بل خارج عن أبسط قواعد المنطق ، وهو قياس مع أكثر من فارق!
وقد صرح المحدث الصديق الغماري بما قلناه ، وجعل المراد ب «التواتر المعنوي» : القدر المشترك من مجموع الأحاديث ، وقال : كل قضية منها باعتبار إسنادها لم يتواتر ، والقدر المشترك فيها وهو «وجود الخليفة المهدي آخر الزمان» تواتر باعتبار المجموع (١٥).
__________________
(١٥) إبراز الوهم المكنون ، للصديق ، الفصل الأول.