إن المطابع التي تأسست في بلاد الشام منذ القرن السابع عشر ، ثم تنامت في القرن الثامن عشر كما لاحظنا ، كان مؤسسوها من النصارى من رجال الإرساليات أو من رجال الكنيسة الشرقية ، لم تهتم هذه المطابع بالحاجات الثقافية للمجتمع الشامي ، وإنما كانت مطابع تبشيرية تمحور اهتمامها بطبع ونشر الكتب الكنسية ، وأصبحت نافذة أساسية للتبشير ، واختراق الثقافة الغربية للمجتمع الإسلامي.
وبذلك أسهمت هذه المطابع من خلال إصداراتها ونشاطها الإعلامي ، في التمهيد للاحتلال الغربي للمنطقة الذي بدأت طلائعه في القرن الثامن عشر ، وانتهى إلى السيطرة العسكرية التامة عليها ، ثم تقسيمها وتجزئتها إلى دويلات فيما بعد.
وسنجد أن هذه الظاهرة تتكرر في المناطق الأخرى من بلدان العالم الإسلامي ، عندما بادر المرسلون الغربيون ، ومساعدوهم من نصارى هذه البلدان ، بإنشاء المطابع فيها.
الطباعة العربية في مصر
تأسيسا على ما سبق ، نجد أن أول مطبعة ظهرت في مصر ، هي تلك المطبعة التي جاء بها نابليون بونابرت معه حين غزا مصر عام ١٧٩٨ م ، حيث كانت هذه المطبعة مطبعة كلية التبشير ، التي كان نابليون قد صادرها في طريقه إلى مصر.
وقد جلب نابليون أيضا المترجمين المارونيين ، الذين كانوا يعملون في كلية التبشير ، واستخدمهم في الجيش الفرنسي ، ومنحهم رواتب خاصة ، ووضعهم في خدمة جي. جي مارسيل (Marcel. J. J) مدير المطبعة ، وقد جهزت هذه المطبعة بأحرف الطباعة العربية والتركية واليونانية ولغات أخرى ، ومن بين العشرين نشرة التي أصدرها الفرنسيون ، كانت نشرة واحدة فقط تهم