١ ـ التأرجح بين الاجتهاد والتقليد في نقد الحديث :
مع أن الكاتب يحاول أن يظهر كمجتهد في نقد الحديث ، ويسعى للتخلص من هيمنة ما يسميه ب «المصادر المشهورة» ويحاول أن يجعل من البخاري ومسلم وابن حنبل ـ من أئمة المحدثين ـ «بشرا غير معصومين من الخطأ» [كما في ص ١٧٩].
فمع ذلك كله نجده يلاحظ «أمرا مهما» :
هو «أن البخاري ومسلما رحمهماالله لم يثبتا حديثا واحدا من الأحاديث التي تبشر بظهور المهدي» [ص ١٨٥].
فمن ينعى على الآخرين «الاصرار على أي عمل بشري ـ مهما كان مؤلفه ـ بأنه خال عن أي خطأ أو سهو» [ص ١٧٩].
فهو ينفي عصمة البخاري ومسلم عن الخطأ.
فكيف يحق له أن يستند إلى مجرد عدم إثباتهما لحديث معين في كتابيهما ، ليجعل ذلك دليلا على بطلان ذلك الحديث حتى إذا رواه غيرهما؟ وصححه!
مع أن البخاري ومسلما ـ خاصة ـ لم يلتزما باستيعاب كل الأحاديث الصحيحة في كتابيهما.
بل ، إنما انتخبا ما رأياه لازما وضروريا ، واستوعبه جهدهما وتعلق به غرضهما من الأحاديث.
وقد صرحا بأن ما تركاه من الأحاديث الصحيحة أكثر مما أورداه! (٣).
__________________
(٣) أنظر : علوم الحديث ، لابن الصلاح ، ص ١٩ ، فإنه قال : لم يستوعبا [أي : الباري ومسلم] الصحيح في صحيحيهما ، ولا التزما ذلك.
طبعة دار الفكر ، تحقيق نور الدين عتر ، ط. الثالثة ١٤٠٤ ه.