أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا باذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وتنشر الرحمة ، وتخرج بركات الأرض ، ولو لا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها. ثمّ قال : ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور. ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله.
قال سليمان : فقلت للصادق عليهالسلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قال : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب (١).
__________________
(١) ذكر العلامة المجلسي ـ رحمهالله ـ في وجه تشبيهه بالشمس إذا سترها سحاب وجوها :
الأوّل : أنّ نور الوجود والعلم والهداية يصل الى الخلق بتوسّطه عليهالسلام ، إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنّهم العلل الغائية لإيجاد الخلق ، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم والتوسّل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، ولقد جرّبنا مرارا لا نحصيها أنّ عند انغلاق الامور ، وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض لما استشفعنا بهم وتوسّلنا بأنوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنويّ بهم في ذلك الوقت تنكشف تلك الامور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان. وقد مضى توضيح ذلك في كتاب الإمامة.
الثاني : كما أنّ الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كلّ آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيّام غيبته عليهالسلام ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كلّ وقت وزمان ، ولا ييأسون منه.
الثالث : أنّ منكر وجوده عليهالسلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيّبها السحاب عن الأبصار.