وأمّا قولك : إنّا زعمنا أن لنا ملكا مهديّا ، فالزعم في كتاب الله شكّ ، قال الله سبحانه وتعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) (١) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ملّكه الله فيه ، وإنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلّا يوم واحد لبعثه لأمره ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ... الحديث. وفيه التصريح على نزول عيسى ، وصلاته خلفه.
٤٣٠ ـ (٧٨) ـ الملاحم والفتن : في الباب الثامن والعشرين ، فيما ذكره أيضا من كتاب محمّد بن جرير الطبري الذي سمّاه «عيون أخبار بني هاشم» في مناظرة ابن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر المهديّ ، فقال ابن عبّاس لمعاوية ما هذا لفظه :
أقول : إنّه ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر إلّا وإلى جانبهم من يشركهم فيه ، إلّا بني هاشم فإنّهم يفخرون بالنبوّة التي لا يشاركون فيها ، ولا يساوون بها ، ولا يدافعون عنها ، وأشهد أنّ الله تبارك وتعالى لم يجعل من قريش محمّدا إلّا وقريش خير البريّة ، ولم يجعله من بني هاشم إلّا وهاشم خير من (٢) قريش ، ولم يجعله من بني عبد المطّلب إلّا وهم خير بني هاشم ، ولسنا نفخر عليكم إلّا بما تفخرون به على العرب ، وهذه أمّة مرحومة ، فمنها نبيّها ومهديّها ، ومهديّ آخرها ، لأنّ بنا فتح الأمر وبنا يختم ، ولكن [لكم ـ ظ] ملك معجّل ولنا ملك مؤجّل ، فإن يكن ملككم قبل ملكنا فليس بعد ملكنا ملك ، لأنّا أهل العاقبة ، والعاقبة للمتّقين.
__________________
(١) التغابن : ٧.
(٧٨) ـ الملاحم والفتن : ص ١١٧ و ١١٨ ف ٢.
(٢) كذا ، والظاهر زيادة «من».