__________________
في شرحه وإن كانت خبرية لكنّها بمعنى الأمر (إنشائية) أي ائتمّوا بقريش ، وكونوا تبعا لهم ، وقال : يدلّ عليه قوله عليه الصلاة والسلام في رواية أخرى : قدموا قريشا ولا تقدّموها.
وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان». فإنّ المراد به الأمر والحكم والاختصاص الشرعي وإن كان لفظه لفظ الخبر وهو ما استظهره ابن حجر.
ولا شبهة أيضا في أنّ أحاديث الاثني عشر تدلّ على الأمر والحكم ، وأن الأمر والحكم والملك والإمامة والخلافة الشرعية لهم دون غيرهم وأنّه يجب على الناس الائتمام بهم واطاعتهم فهم أولو الأمر الذين أوجب الله على الأمّة إطاعتهم وقرن طاعتهم بطاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث الثقلين المتواتر ، فقال : فلا تقدّموهم فتضلّوا ولا تأخّروا عنهم فتهلكوا. وهذا واضح ، مضافا إلى ما في نفس هذه الأحاديث من الدلالة على ذلك.
ثانيهما : السؤال عن وجه كثرة كلامهم ولغطهم وعلّة صراخهم ، وضجّتهم التي أصمّت جابرا بل منعت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من إتمام خطبته وبيان ما لعلّه كان بصدده من تعريف الاثني عشر بأكثر من ذلك.
والجواب عن هذا السؤال كما قال بعض الشارحين للأحاديث : أنّه قد ظهر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجّة الوداع ما فهموا منه قرب ارتحاله إلى الرفيق الأعلى ، وظهر منه أنه يريد في هذه الحجّة إكمال الدين وإتمام النعمة بإعلان النظام الشرعي في الحكومة والدولة ، وإبلاغ ما أنزل الله تعالى عليه في الإدارة والسياسة والوصية لمن يصلح للقيادة والولاية ، فقد أكّد وكرّر الوصية بالثقلين «الكتاب والعترة» بادئا بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي تارك فيكم الثقلين» الظاهر في أنه وصيّة منه وأن رجوعه الى المولى جلّ شأنه قريب ، وأوصاهم بالتمسك بهما فقال : «ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبدا فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» وحذّرهم التقدم عليهما الموجب للضلال والتأخر عنهما الموجب للهلاك ، كما أعلن ولاية الإمام علي عليهالسلام في غدير خم بالإعلان والبلاغ الذي لم نجد مثله منه في إبلاغ حكم من الأحكام ، وكان في القوم فئة لا ترتضي ذلك لأهواء سياسية خاصّة ، وهم الذين خالفوا نصوص الثقلين وغيرها وتركوا التمسك بالعترة والأخذ عنهم ، والائتمام بهم وبالغوا في ذلك وفي صرف الناس عنهم ، حتى إنّهم رجّحوا الأخذ عن أعداء العترة الطاهرة ومبغضيهم على الأخذ من أحاديث أهل البيت وشيعتهم ، والكلام في ذلك طويل ،