٢ ـ منهج المؤلف :
وقد أبدع المؤلف في رسم منهج فريد ، يعتمد عنصر (الحاجة) التي يحسها كل إنسان في وجوده ، فهو ليس بمستغن عمن سواه ، وهذا إحساس فطري ، وبديهي ، غير قابل للانكار ، وقد ذكر الله تعالى بهذا الاحساس في قوله : (يا أيها الناس ، أنتم الفقراء إلى الله ، والله هو الغني الحميد) سورة فاطر (٣٥) الآية (١٥) وقوله تعالى : (والله الغني ، وأنتم الفقراء) سورة محمد (٤٧) الآية (٣٨).
ثم إن كانت (الحاجة) محسوسة ، فطريا ، فإن رفضها ونفيها أمر مطلوب للانسان ، لأنها نقص ملموس ، ولذلك كان (الكمال) الذي يضاده أمرا مطلوبا ، بالطبع الأولي ، والفطرة السليمة ، بل هو من المقاصد العالية والشريفة للانسان على الأرض.
وهذا الاحساس هو الذي تؤكد عليه الشرائع بأنبيائها وكتبها ، وإرشاداتها ، ومدارسها ، وما تملك من سبل ، وطرق ، وأدوات ، وعوامل.
ولا بد للانسان أن يتجاوز حد (الحاجة) وما فيها من نقص ، ويصل إلى الكمال ، فيكون (غنيا بالله عمن سواه) كي يليق بمقام (الخلافة عن الله) في الأرض ، وإلا : فالفقر سواد الوجه في الدارين ، كما ورد في الأثر الشريف (١٣).
٣ ـ أسلوب الكتاب :
وعلى أساس من ذلك المنهج القويم ، والراسخ ، والمتين ، ألف الشيخ الإمام المؤلف كتابه القيم (عجالة المعرفة) هذا الذي نقدم له.
وقد اتخذ له أسلوبا رائعا ، في جانبي العبارة ، والترتيب :
__________________
(١٣) حديث نبوي ، لاحظ : سفينة البحار ، للقمي ٢ / ٣٧٨.