[اعتماد شيوخ المعتزلة على هذه الطريقة]
ومما يبين صحة / (٦٠) هذه الطريقة ويوضحها : أن الشيوخ كلهم لما عولوا ـ في إبطال ما تدعيه اليهود : من تأبيد شرعهم وأنه لا ينسخ ما دام الليل والنهار ، على ما يرونه ، ويدعون : أن موسى عليهالسلام قال : «إن شريعته لا تنسخ» ـ على أن نبينا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ـ وقد قامت دلائل نبوته ، ووضحت بينات صدقه ـ أكذبهم في هذه الرواية ، وذكر أن شرعه ناسخ لكل شريعة تقدمته.
سألوا (٦١) نفوسهم ـ لليهود ـ فقالوا : أي فرق بين أن تجعلوا دليل النبوة مبطلا لخبرنا في نفي النسخ للشرع ، وبين أن نجعل صحة الخبر بتأبيد الشرع ، وأنه لا ينسخ ، قاضيا على بطلان النبوة؟!
ولم تنقلوننا عن الكلام في الخبر وطرق صحته إلى الكلام في معجز النبوة ، ولم يجز أن ننقلكم عن الكلام في النبوة ومعجزها إلى الكلام في الخبر وصحته؟!
أوليس كل واحد من الأمرين إذا ثبت قضى على صاحبه؟! فأجابوهم عن هذا السؤال ب : أن الكلام في معجز النبوة أولى من الكلام في طريق صحة الخبر ، لأن المعجز معلوم وجوده ضرورة وهو القرآن ، ومعلوم صفته في الإعجاز بطريق عقلي لا يمكن دخول الاحتمال فيه والتجاذب والتنازع.
__________________
(٦٠) إلى هنا ينتهي السقط في «ب».
(٦١) هذا متعلق بجملة : «لما عولوا ...» المارة آنفا.